للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما تستعذبه من تبيين المباني، فيما يتعلق بالآيات التي ظاهر لفظها، يشم منه رائحة النسخ، والآيات التي تدل على معجزاته، فالله أسأل وبنبيه أتوسل أن يعينني على ذلك، ويقدرني عليه، انه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

مطلب في القراءات وحيث تقدم أني قلت، إني اتبعت في هذا التفسير قراءة عاصم، ورواية حفص لا طعنا في غيرهما، بل لأنهما أشهر من غيرهما، لأنها المتعارفة في محيطنا، والمنسوخة في القرآن الذي بين أيدينا، وإن القراءات الست الاخرى بأوجهها جائزة لمن أتقنها، وانها تختلف مع بعضها من حيث الترقيق والتفخيم، والجهد والصمت، والمد والقصر، والإمالة والرفع، والإدغام والإظهار، والتثنية والافراد والجمع، والتحريك والإسكان، والقطع والوصل، والنقل والوقف، والتضعيف والفك، وغيرها في الحروف والكلمات، بلا زيادة ولا نقص في أصل الكلمة، وما يزاد في أحد القراءات من الواحد في مثل عليهم، وعليهم و، لا يعد زيادة لأنه عبارة عن إشباع الفتحة لا غير، ولهذا تجد بعض رسم الكلمات فيه متغاير صورة لا معنى مثل (خَسِرَ الدُّنْيا) في الآية ٧ من سورة الحج في ج ٣، تقرأ على أنها فعل ماض، ولا تنافى المعنى المراد منها، عند من بقرأها مصدرا أو اسم فاعل، وهكذا كما ستطلع عليه عند تفسيرها، وما يشاكلها إن شاء الله. وقد ذكرنا في مطلب جمع القرآن المار، أن ما جاء من وجود بعض الكلمات في قرائين بعض الأصحاب، هو كناية عن كلمات تفسيرية كتبوها في مصاحفهم، فظنها من لا مسكة له بالقرآن قرآنا وتمسك بها بعض الجهلة، ومن لا خلاق له في الآخرة يماري بها ويجادل، (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) الآية (٤٦) من المائدة، فراجعها وراجع الآية (٨٣) من سورة النساء في ج ٣، ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله فكدت أساوره (أواثبه وأقاتله) في الصلاة فتربصت (تثبت) حتى سلم فلببته بردائه (أخذته مما يلي عنقه منه) فقلت: من أقرأك هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>