للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به وتنتقم منا بسبه ومالنا عندك ذنب فتعذبنا عليه «إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا» على يد رسوله موسى وهذا مما نفتخر به لأنه أصل المحاسن كلها فافعل بنا ما بدا لك إذا كان هذا ذنبا على حد قوله في الآية ١٨ من سورة طه (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) وفي هذه الآية من أنواع البديع تأكيد المدح بما يشبه الذم، ثم انهم أعرضوا عن مخاطبته وفزعوا إلى الله والتجئوا إليه وسألوه بقولهم «رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً» على ما يوقعه بنا من التعذيب الدنيوي واغمرنا بالصبر وأفض علينا من عنايتك لنثبت على الإيمان بك «وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ ١٢٦» لك قائمين على دينك لا يؤثر بنا وعيد فرعون وتهديده بما يعدنا ليصرفنا عن دينك القويم. قال ابن عباس كانوا أول النهار سحرة كفرة وآخره شهداء وبررة، ولهذا قال الكلبي ان فرعون قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم، وقال غيره إنه لم يقدر عليهم لأن الله قال في الآية ٣٥ من سورة القصص الآتية (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) وهو الصواب والله أعلم، وسيأتي لهذا البحث صلة عند تفسير هذه الآية إن شاء الله «وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ» لفرعون بعد أن عاينوا ما عاينوا وعرفوا ان بقي الحال على ما هو عليه ذهب ملكهم، كما أخبرهم فرعون قيل «أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ» بني إسرائيل على ما هم عليه وتركهم احياء، بعد أن تعظموا بما وقع في موسى فتذعهم على حالتهم هذه ولا تنتقم منهم وقد شاع بين الناس علو كلمة موسى على السحرة المنتخبين من قبلك بعد أن آمنوا به والتحقوا مع قومه بعد غلبهم لأنه إذا تركهم وشأنهم تقوى شوكتهم وتعلو كلمتهم، ويلتحق بهم غيرهم «لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ» التي هي ملكك ويأمرون الناس بمخالفتك والخروج عليك وينبذون طاعتك فتدارك الأمر قبل الفوات. أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال لما آمنت السحرة اتبع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل.

وهذه الآية تشير إلى ما أشارت اليه آية القصص الأنفة الذكر من أنه لم يسلط على السحرة لأن الله لم يقدره أن يفعل بهم شيئا فضلا عن موسى وأخيه وأن الله ت (٢٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>