يمنّيهم بهلاك فرعون وقومه ويطمعهم باستملاك أرضه تسلية لهم وتثبيتا لعزمهم «قالُوا» يا موسى «أُوذِينا» من قبل فرعون وقومه «مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا» أوذينا أيضا أي قبل ولادتك وبعدها فمتى يكون ما توعدنا به وذلك لأن قلوبهم مقطعة من أذى القبط قبلا وبوجود موسى خفت وطأتهم عليهم وبعد حادثة السحرة خافوا أن يوقع بهم ما هدّدهم به من استيناف الحالة الأولى قتل الذكور واسترقاق الإناث واستخدام الآخرين، وطالبوه إنجاز ما وعدهم به يظنون أن الأمر بيد موسى والذليل المحتقر أمثالهم، يظن أن العزيز مثل موسى قادر على كل شيء «قالَ» لهم موسى إن الأمر بيد الله ينجزه بالوقت المقدر له في علمه الأولى وليس بيدي كما تزعمون لأوقعه بهم حالا، فاصبروا يا قوم «عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ» قبل أن يمكنه من إيقاع شيء فيكم «وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ» بدله ويجعلكم ملوكا على أرضه أمناء على عباده، وهذا توكيد لما سلّاهم به على أبلغ وجه وهو عنده واقع جزما لأنه من وعد الله الذي لا يخلف وعده، وعسى هنا للقطع وعبر بها تأدبا مع ربه ولهذا قال «فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ١٢٨» إذا خلفتم فيها أتحسنون الخلافة في عباده وأرضه أم لا، وهل تشكرون أم تكفرون بعد. وفي هذه الآية رمز للبشارة بتنفيذ ما وعدهم به، ولكنهم لضعف إيمانهم وصغر نفوسهم التي تربت على الذل لا يصدقون ويريدون الأمر فورا، ثم شرع تعالمت شرائعه في تفصيل مبادئ إيقاع الإهلاك في فرعون وقومه فأوحى إلى موسى أن يحدث قومه بما هو فاعل بهم، قال تعالى «وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ» القبط خاصة لأنه منهم وأضاف إليه لفظ آل مع أنه خاص بالأشراف بمقابل أهل في غيرهم، لما له من الشرف الدنيوي بين قومه وان كان في نفس الأمر، خسيسا وإن الكلمات التعظيمية للملوك جارية حتى الآن سواء كان كتابيا أو وثنيا فضلا عن المسلم «بِالسِّنِينَ» جمع سنة، والمراد بها سني القحط والجدب ومنه قوله صلّى الله عليه وسلم في دعائه على قريش: اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. وفي رواية: سنينا كسنين يوسف، فالأول منون على لغة بن عامر وبنو تميم يقولون سنين بلا تنوين