للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصروا على الكفر، وعليهم أن يتعظوا قبل أن يحل بقومك ما حل بهم من الوبال والتنكيل وليعلموا أني «سَأَصْرِفُ عَنْ» فهم ومعرفة معنى «آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ» على خلقي «بِغَيْرِ الْحَقِّ» حسبما تسوّل لهم أنفسهم فيظلمون ويبغون على الناس بمقتضى دينهم الباطل الذي اختلقوه وتلقوه من آبائهم الضالين «وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ» من آياتي التي أظهرتها لهم على أيدي رسلهم «لا يُؤْمِنُوا بِها» ولا يزيدهم نزولها وتبليغها لهم من قبل رسلهم إلا إنكارا وإصرارا على الكفر «وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا» بل يعرضون عنه «وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا» عنادا وعتوا لا جهلا لأن كل من عنده لمحة من إدراك يميز بين الرشد والغي، كما يميز بين الظلمة والنور فيعرف الأول نافعا والثاني ضارا ولكنهم لا يريدون إلا الانكباب على عوائدهم الشائنة «ذلِكَ» اختيارهم طريق الشر على طريق الخير، وإيثارهم الكفر على الإيمان «بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا» الواضحة الدالة على حسن ما أمرناهم به بواسطة رسلنا «وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ ١٤٦» غير مفكرين بها ولا ملقين لها بالا، لاهين عن الاتعاظ بها معرضين عنها «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ» فجمعوا بين التكذيب والجحود أمثال من تقدمهم من الأمم المهلكين، المصرفين عن فهم حقائق آياتنا والتصديق بالبعث والحشر «حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ» التي عملوها بالدنيا من برّ وصلة وقرى ضيف وفك أسير وإغاثة ملهوف وإقالة عثرة ومطلق إحسان، مما يثاب عليه المؤمن في الآخرة من عوائدهم الحسنة التي كانوا يفعلونها بطلت ومحق ثوابها، لأنهم لم يفعلوها لوجه الله في الدنيا ولذلك لم ينتفعوا فيها بالآخرة، وقد حرموا من ثوابها بسبب تكذيبهم وكفرهم، ولأنا قد كافأناهم عليها في الدنيا بكثرة الأموال والأولاد والصحة والأمن والجاه لأنا لا نضيع أجر من أحسن عمله، فإن كان مؤمنا أثبناه عليه في الدنيا والآخرة، وإن كان كافرا كافيناه عليه في الدنيا فقط وما له في الآخرة من نصيب، فانظروا «هَلْ يُجْزَوْنَ» هؤلاء وأضرابهم يوم القيامة «إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ ١٤٧» بدنياهم فيجازون عليه إن خيرا فخير، وان شرا فشر، إلا أن الكافر يعجل له

<<  <  ج: ص:  >  >>