سورة النساء في ج ٣ وذلك أن الله تعالى الكامل إذا جعل شيئا جعله كاملا فلما ألقى شبهه على يهوذا صار كأنّه هو عيسى نفسه، ولذلك فإن أمه والنساء معها لم ينكرن أنه هو حقيقة، لذلك صرن يبكين عليه وحزنّ لأجله، إذ لا يستطيع أحد أن يقول ليس هو بعيسى، هذا وإن الله تعالى سيهلك الدجال مسيح اليهود وأتباعه على يد مسيح المسلمين الذي سمي مسيحا لأنه يمسح بيده المريض والأعمى والأكمه والأبرص فيبرأ بإذن الله تعالى حالا، بخلاف مسيح اليهود الذي هو الدجال، فإنه إنما سمي مسيحا لأنه ممسوح العين اليمنى أعور أشقر، فأين هذا من ذاك، وإن الله تعالى لا بدّ وأن يسلط على يهود زماننا من يهلكهم ويزيد في ذلهم وصغارهم، وسنورد الأحاديث الصحيحة الدالة على نزول عيسى وقتله الدجال واقامة القسط في الأرض بين الناس في الآية ٦١ من سورة الزخرف في ج ٢ إن شاء الله تعالى القائل «وَقَطَّعْناهُمْ» أي اليهود قطعهم الله وأخزاهم «فِي الْأَرْضِ أُمَماً» فرقا وطوائف مشتتين محقرين فلا تجد أرضا خالية منهم أخلاهم الله منها ولا بلدا إلا وفيها منهم غير حماة، ولذا قيل حماها الله من كل ظالم أي كل يهودي لأنه لا يكون إلا ظالما، وهذا حتى تستقيم القاعدة (ما من عموم إلا وخصص) ولا يعلم السبب في حماية حماة من اليهود إلا أهل حمص الذين قلدوهم بذلك، لأن كلا من أهالي هاتين البلدتين يعرف خبايا الآخر على الحقيقة وزيادة (وهذه نكتة أتينا بها هنا) قال تعالى «مِنْهُمُ» اليهود الأولون على زمن موسى فمن بعده حتى زمن محمد صلّى الله عليه وسلم «الصَّالِحُونَ» الذين ثبتوا على دينهم فلم يغيروا ولم يبدلوا حتى ماتوا عليه قبل بعثة عيسى عليه
السلام، والذين أدركوا عيسى وآمنوا به وبقوا على إيمانهم حتى بعثة محمد صلّى الله عليه وسلم وماتوا على ذلك، والذين أدركوا محمدا وآمنوا به وماتوا على إيمانهم فهم صالحون من أهل الجنة، لأن الله تعالى لا يظلم حق أحد والقرآن كلام الله لم يغمط حق أحد أيضا ولا يغفل ذكره كيف وهو القائل في كتابه (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) الآية ٣٨ من سورة الأنعام في ج ٢ «وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ» فسقة ومخطئون، لأنهم خالفوا بعض الأوامر وامتثلوا بعضها وماتوا قبل بعثة عيسى