أو سحابة غيم عظيمة، أي اذكر يا محمد لقومك ويهود زمانك حين خلعنا الجبل من أصله من الأرض، ورفعناه فوقهم إلى جهة السماء، وجعلناه كالسقف على المعاندين من أسلافهم الموجودين عندك الآن. وكل ما يقي من الشمس يسمى ظلة حتى الشمسية المتعارفة لأنها تقي من وهج الشمس والمطر، ولذلك تسمى ظلة ومظلة «وَظَنُّوا» تيقنوا وجزموا «أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ» لا محالة إن لم يمتثلوا ما أمروا به وقلنا لهم «خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ» بجد وعزم وحزم أي تقبلوا أحكامه جبرا عنكم «وَاذْكُرُوا ما فِيهِ» كله لا تنسوه واعملوا به فإن عدم العمل به يؤدي إلى النسيان، والنسيان يؤدي إلى الهلاك، وإذا أردتم النجاة داوموا على ذكره «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٧١» وقوع الجبل عليكم وسبب ذلك أنهم أبو قبول أحكام التوراة لمشقّتها فلما رأوا الجبل ساقطا عليهم لا محالة سجد كل منهم على خدّه وحاجبه الأيسرين وجعل ينظر إلى الجبل بعينه اليمنى خوفا من سقوطه عليه إلى أن زيح عنهم، ولذلك إذا اقتضى أن يسجدوا لله شكرا أو لصلاة اعتادوها سجدوا كذلك على تلك الصفة. انتهت الآيات المدنيات.
مطلب كيفية أخذ العهد على الذرية:
قال تعالى «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ» وبين كيفية الإشهاد بقوله «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ» مربّيكم ومالك أمركم وليس لأحد دخل في شأنكم غيري «قالُوا بَلى شَهِدْنا» على أنفسنا بذلك، وهنا يحسن الوقف لأنه من تتمة كلام الذرية، ومن استحسن الوقف على بلى قال إن شهدنا من كلام الملائكة، أي قال لهم اشهدوا على خلقي هؤلاء قالوا شهدنا، والأول أولى بالنظر لسياق الآية وعدم ذكر الملائكة قبلها يؤيده قوله تعالى «أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ» حين نسألكم عن هذا العهد «إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا» الميثاق «غافِلِينَ ١٧٢» أي لم ننتبه إليه حين أخذه علينا «أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ» زماننا هذا وقد سنّوا لنا الشرك بالتاء على الخطاب للذرية وهي القراءة المختارة في المصاحف، أما القراءة بالياء على الغيبة فيتجه ولكنه