أنه يجحده وكم من عام يراده به الخصوص، ومن قال أن هذه اللام التي فى لجهنم لام العاقبة كاللام في قوله تعالى:(لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) الآية ٨٨ من سورة يونس في ج ٢، وكاللام في قول صاحب الزبد:
له ملك ينادي كل يوم ... لدوا للموت وابنوا للخراب
بمعنى أنه لما كانت عاقبتهم جهنم جعلوا كأنهم خلقوا لها فرارا عن إرادة المعاصي.
لا عبرة به، لأنه عدول عن الظاهر، ولأن اللام واقعة في جواب القسم كما ذكرنا، والآية الأخرى والبيت المستشهد به لا قسم فيهما. على أن هذه الآية نفسها حجة واضحة لمذهب أهل السنة القائلين: إن الله تعالى خالق أعمال العباد جميعها خيرها وشرها بصريح اللفظ قال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) الآية ٩٧ من الصافات في ج ٢، ولا زيادة على بيان الله، ثم وصف هؤلاء المخلوقين لجهنم بقوله عز قوله «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها» لأن معنى الفقه الفهم والعلم ثم جعل علما على علم الدين، وهؤلاء لا يفهمون المراد من خلقهم ولا يعلمون ما يصيرون إليه «وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها» طريق الهدى والرشد ولا ينظرون بها آيات الله وأدلة توحيده في سمائه وأرضه «وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها» المواعظ سماع قبول لأنهم صمّ فإنهم للشر أسمع من الخير، ولكنهم قوم صرفوا حواسهم كلها إلى الدنيا وأعرضوا عن الآخرة، لذلك حرموا نعم تلك الحواس فيما يؤول به إلى خيرهم فلم ينتفعوا فيها قال الشاعر:
وعوراء الكلام صممت عنها ... وإني إذ أشاء لها سميع
ولهذا قال ابن الفارض رحمه الله:
إذا نظرت ليلى فكلي أعين ... وإن نطقت ليلى فكلي مسامع
«أُولئِكَ» الذين هذه صفتهم «كَالْأَنْعامِ» البهائم العجم «بَلْ هُمْ أَضَلُّ» منها لأنها تعرف ما ينفعها ويضرها ولهذا تراها تجتنب بعض الأعشاب ولا تلقي نفسها من الصعدات، وتخاف كل صيحة، وتنقي ما تراه من أسورة وغيرها فتتنبه وتقف وترجع إلى الوراء وتجتنب الحفر والمياه، وهؤلاء لا يعرفون عاقبة ما يضرهم ولا