وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال صدقت، قال فأخبرني عن الإحسان، قال أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك، قال فأخبرني عن الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربّنها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان، ثمّ انطلق فلبثت مليا ثم قال يا عمر أتدري من السائل؟
قلت: الله ورسوله أعلم، قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. فقد ثبت في هذا الحديث أن جبريل جاء بصورة اعرابي، ثم تذهب تلك الصورة المنسلخة عن الجسد الظاهر حيث يشاء الله عز وجل، مع بقاء نوع تعلق لها بالأبدان الأصلية يتأتى معه صدور الأفعال منها كما يصدر عن أصلها المنسلخ منها. ومن هذا القبيل ما يحكى عن بعض الأولياء قدست أسرارهم أنهم يرون في وقت واحد في عدة مواضع، وبدنها الأصلي في موضع آخر وهذا من قبيل الكرامة التي يظهرها الله تعالى لهم وانا أشهد بهذا وأصدق وأنت أيها المنكر:
إذا لم تر إهلال فصدّق ... لأناس رأوه بالأبصار
وذلك أني سمعت هذا من أناس أثق بصدقهم وصلاحهم وهم من أهل هذا
لا تقل دارها بشرقي نجد ... كل نجد للعامرية دار
وهذا أمر مقدر عند السادة الصوفة مشهود فيما بينهم بالتواتر وهو غير طي المسافة المقرر عندهم أيضا والثابت وقوعه لديهم تواترا أيضا، ولا يسعنا إلا التصديق لأن إنكار هاتين الخصلتين عليهم مكابرة لا تصدر الا عن جاهل بحقيقتهم أو معاند لهم، وقد عجب العلامة التفتازاني من بعض فقهاء أهل السنة كابن مقاتل المشهور انه حكم بالكفر على معتقد ما روي عن ابراهيم بن أدهم قدس الله سره أنهم رأوه بالبصرة يوم التروية (ثامن ذي الحجة سمي بذلك لأن ابراهيم عليه السلام رأى الرؤيا فيه بذبح ابنه) وأنه رئي ذلك اليوم بمكة وبنى حكمه هذا على زعمه أنه من جنس المعجزة العظيمة وهي مما لا تثبت كرامة للولي، وهذا حكم فاسد لا يلتفت اليه ولا يعول عليه، لان المعتمد عند أهل السنة والجماعة جواز ثبوت الكرامة مطلقا