للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا قوله جل قوله «الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ» أي السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى ظاهرا وباطنا، بحيث لا يزول أبدا ولا يغيب سرمدا هو ثابت «لِلرَّحْمنِ» وحده وهناك يزول ملك كل ملك ولا يبقى إلا ملك المالك الأعظم، فينادي المنادي «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ» فلا يجيب أحد فيقول العظيم الجبار الجليل الغفار الستار «لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ» الآية ١٦ من سورة المؤمن في ج ٢ فيجيب نفسه بنفسه، وفي اتصافه تعالى بعنوان الرحمانية بشارة لمن مات مؤمنا به ونذارة بعدم

التّهوين على الكافر في قوله «وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً» ٢٦ شديدا عسره بالغا شره، وفيها إيذان بأنه يسير على المؤمنين، إذ خصّ عسره بالكافرين الذين لا تشملهم رحمته المتناهية في ذلك اليوم العظيم المنوه به بقوله «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ» حسرة وندامة على ما فاته من عمل الخير في الدنيا لا أعظم منه لأنه يوم الحسرة، والموقف كله يوم واحد ولكنه بالنسبة لطوله ولاختلاف ما يقع فيه من الأهوال التي تشيب الوليد يعد أياما لكل عذاب يوم، ولكل مجادلة يوم، ولكل محاسبة يوم، وذلك تقديري على نسبة أيام الدنيا، وهذه الآية عامة في كل ظالم لنفسه في الدنيا بحرمانه من الإيمان بالله. وقد صرفه بعض المفسرين للظالم المعروف بالظلم الموبق به عقبة بن معيط خليل أمية بن خلف الذي كان أسلم أولا فقال له أمية: وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا. فارتدّ عن الإيمان، وتابعه على الكفر. وقد جاء بالآية معرفا لتخصيصه به ونزول هذه الآية فيه. ولكن تخصيصها لا يمنع عمومها لكل ظالم كما علمت من أن العبرة لعموم اللفظ لا بخصوص السبب «يَقُولُ» في ذلك اليوم العسير «يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ» في الدنيا «مَعَ الرَّسُولِ» محمد صلى الله عليه وسلم «سَبِيلًا» ٢٧ إلى النجاة من هول هذا اليوم، ليتني اتبعته ومت مؤمنا على دينه، فأتخلص من هذا العذاب المحيط بي، ثم طفق يدعو على نفسه بقوله «يا وَيْلَتى» يا هلاكاه على ما سلف من ارتدادي إلى الكفر ومتابعة أمية بن خلف «لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً» يريد أمية المذكور على خصوص الآية في عقبة المرتد، وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>