إدريسا لدراسة الصحف المنزلة على آدم فمن بعده، وهو أول مرسل بعده، وأول من خط بالقلم ولم تكن قبله كتابة، وقد أنزل عليه ثلاثون صحيفة، وهو أول من خاط اللباس وكان الناس من قبله يرتدون جلود الحيوانات ويخللونها عليهم، وأول من نظر في علم النجوم والحساب، قال ابن الأثير في تاريخه: إن إدريس (أخنوخ) كان خوّاء ينظر بالنجوم وأطلعه الله على كون طوفان يعم الأرض، فبنى الأهرامات في مصر ليتحصن فيها من يكون زمن هذا الطوفان، قالوا وكان بناؤها بتخلية الهواء من حجر فقط بلا كلس ولا طين ولا غيره، وهو أول من اتخذ الموازين والمكاييل والأسلحة، وأول من قاتل بني قابيل، لأن قابيل ابن آدم لما قتل أخاه هابيل خرج عن طاعة أبيه وانفرد بعصيانه وأخذ أخته وهاجر عنه، فنشأ أولاده على المعصية، فلما بعث الله إدريس وجعله خلفا لآدم غزاهم واسترقهم. فادريس عليه السلام أول مؤسس لهذه المهن المارّة، وأول من سن الجهاد واسترقاق المغلوبين، وستأتي قصة قابيل معه في الآية ٣٠ من سورة المائدة في ج ٣ إن شاء الله «إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا» ٥٦ تقدم تفسير مثله «وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا» ٥٧ بتشريفه بالنبوة والرسالة وتقريبه من الله برفعه إلى السماء الرابعة. روى أنس بن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى إدريس في السماء الرابعة ليلة المعراج- متفق عليه- واختلف في حياته وموته، واتفق الجمهور على أنه حي، وقالوا أربعة من الأنبياء أحياء اثنان في الأرض الخضر وإلياس، وثنان في السماء إدريس وعيسى اه- من بحر العلوم- على أن الخضر مختلف في نبوته، وأكثر العلماء على أنه ولي، ولهذا البحث صلة تأتي في الآية ١٦ من سورة الكهف في ج ٢ إن شاء الله تعالى. وخلاصة قصته عليه السلام أنه حببّ إلى الملائكة لكثرة عبادته، فقال لملك الموت أذقني الموت يهن علي ففعل بإذن الله، ثم أحياه الله، ثم قال لمالك خازن النار، أدخلني النار أزدد رهبة من الله، فأدخله فيها بإذن الله، ثم أخرجه منها، ثم قال إلى رضوان خازن الجنة أدخلني الجنة أزدد رغبة في عبادة الله، فأدخله فيها بإذن الله، ولما أراد أن يخرجه أبى فتلاحيا بينهما، فبعث الله