للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخزي والعار، وسيأتي لهذا البحث صلة في الآيتين ١٦٧ و ١٦٨ من سورة البقرة في ج ٣، قال تعالى «أَلَمْ تَرَ» يا أكمل الرسل فتخبر وتعلم «أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا» ٨٣ أي سلطنا الشياطين على الكافرين لتهيجهم وتزعجهم وتغريهم على ارتكاب المعاصي تستفزهم لاقترافها حتى يتوغلوا فيها «فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ» يا حبيبي بإنزال العذاب، ودعهم تحيق بهم المهالك من كل مكان حتى يأتي الأجل المعين في أزلنا لهلاكهم، وهو حتما نازل بهم، ولكنهم لم يستكملوا ما قدر لهم بعد «إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا» ٨٤ سنين وشهورا وأياما وساعات ودقائق وثواني ولحظات، قال السماك: عند ما قرأت هذه الآية بحضرة المأمون العباسي قال: إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما أسرع ما تنفد وقيل في المعنى:

إن الحبيب من الأحباب مختلس ... لا يمنع الموت بواب ولا حرس

وكيف يفرح بالدنيا ولذتها ... فتى يعدّ عليه اللفظ والنفس

واعلم يا أكرم الرسل أنا سنوقع بهم ما أوعدناهم على لسانك وسيذكرون هذا «يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً» ٨٥ جماعات ركبانا معزّزين كما يفد رؤساء الأقوام على ملوكهم في الدنيا ليكرموهم بالخلع المعيّنة لهم والأوسمة الكريمة «وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ» المحكوم عليهم بالعذاب في ذلك اليوم الذي ينال فيه الأتقياء اعطياتهم العظيمة ويبلغون آمالهم من ملك الملوك «إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً» ٨٦ كما تساق الأنعام ليذوقوا وبال أعماهم، مشاة عطشا مهانين، فيروون النار بدل الماء.

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

محشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق راغبين وراهبين، واحد على بعير واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير، وتحشر معهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث بانوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، تمسي معهم حيث أمسوا. وأخرج الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفا مشاة وصنفا ركبانا وصنفا على وجوههم،

<<  <  ج: ص:  >  >>