عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أحب الله سبحانه وتعالى عبدا دعا جبريل عليه السلام فيقول له إن الله يحب فلانا فأحبّه فيحبه جبريل فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبدا دعا جبريل فيقول له أنا أبغض فلانا فابغضه، فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فابغضوه، ثم يوضع له البغضاء في الأرض.
وسيأتي لهذا البحث صلة نفيسة في الآية ٦٨ من سورة الزخرف في ج ٢. قالوا إن هذه الآية نزلت في الذين هاجروا إلى الحبشة لأنهم كانوا ممقوتين بين الكفرة فوعدهم الله ذلك وأنجز لهم وعده، وسيأتي بيان ما وقع لهم مع ملك الحبشة في الآية ١٩٩ من آل عمران في ج ٣، وإليكم أن من يجمل الله له ودّا في الدنيا من أجل إيمانه وعمله الصالح فإنه يجعل له ودا في الآخرة من باب أولى لأن الدنيا مزرعة الآخرة وتوادّ الآخرة بين الله وبين عباده أكثر من توادهم بينهم، راجع الآية ٥٥ من سورة المائدة في ج ٢. قال تعالى «فَإِنَّما يَسَّرْناهُ» هذا القرآن العظيم «بِلِسانِكَ» يا سيد الرسل «لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ» بما لهم عند الله من الكرامة في الآخرة التي تضمحل عندها عزة الملوك، وأبن عطاء الملوك في الدنيا من إكرام ملك الملوك في الآخرة «وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا» ٩٧ شديدي الخصومة بالباطل ممتنعين عن الإيمان بالله لجاجا وعنادا لم يحسبوا لعاقبتهم أمرا ولا لحسابهم عذرا «وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ» من القرون الماضية بسبب إصرارهم على الكفر وفي هذه الجملة وعيد لقومه ووعد لرسوله صلى الله عليه وسلم ضمن وعيدهم بالإهلاك وحثّ له على إدامة العمل بإنذارهم ولهذا التفت اليه وخاطبه عز خطابه بقوله وانظر يا حبيبي «هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ» من أولئك القرون الهالكة، أي تشعر كأنهم ما كانوا «أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً» ٩٨ أقل صوت، والركز هو الخفاء ومنه الركاز المال المدفون في الأرض، وركز الرمح إذا غيبت طرفه في الأرض، والمعنى أهلكناهم جميعا عن بكرة أبيهم، بحيث لا يرى منهم أحد، ولا يسمع لهم صوت، لأن الله عز وجل أخذهم استئصالا فلم يبق منهم عين ولا أثر. ولا يوجد سورة مختومة بمثل هذه اللفظة. هذا، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وآله.