في الآية ١٢ من سورة مريم المارة، وعيسى نبيّء في المهد كما تشير إليه الآية ٣٠ من سورة مريم أيضا، فيكون عمره والله أعلم إذ ذاك أربعين يوما، أي حين مغادرتها بيت لحم محل ولادته، ولهذا فإن ما ورد في الحديث بأن الله تعالى لم ينبىء نبيا أو يرسل رسولا إلا بعد الأربعين سنة من عمره لا صحة له لمخالفته نص القرآن كما هو مبين في الآيات المشار إليها، قال تعالى بعد أن أجاب طلبه وعدد نعمه عليه «اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ» إلى فرعون وقومه (بآياتي) التي أظهرتها لك والتي سنظهرها بعد علامة على رسالتك «وَلا تَنِيا» تقصّرا أو تفترا أو تنأخرا «فِي ذِكْرِي» ٤٢ بل داوما عليه حال دعوتكما له ومجداني بما يليق بجلالي واذكرا عظمتي» وعزتي وكبريائي وصفاتي الجليلة واسمائي الحسنى وأفعالي الجميلة عند تبليغ الرسالة فرعون لكما عليها وهذا ملاك ذكر الله «اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى» ٤٣ على عبادي وتجبر عليّ ولكن عند ما تكلمانه تقدما اليه بالنصح وتلطفا به وتعطفا عليه «فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً» من غير تعسف ولا عنف وقد أجدر بالقبول من جهة، ومن اخرى جزاء حق تربيته لأحدكما وإكراما لمقامه بين قومه، وفائدة أخرى وهي «لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ» في وعظكما ويتأمل معناه عله يذعن للحق الذي أمرتماه به «أَوْ يَخْشى» ٤٤ عاقبة الأمر فيسلم لكما على رغبة فيما يراه ورهبة مما يتوقعه، وإنما ذكر الله رسوله بهذا وأمرهما بالتراخي وعدم الغلظة دفعا للحجة وتقديما للمعذرة، وإلا فهو عالم أنه لا تنفعه الذكرى لأن إرسال الرسل الى من يعلم أنهم لا يؤمنون لالزام الحجة عليهم، وقطع طرق المعذرة لهم راجع الآية ١٤٤ من الأعراف المارة ولمعناها صلة في الآية ١٣٤ من هذه السورة، هذا، وقرأ رجل عند يحيى بن معاذ (فَقُولا لَهُ) إلخ فبكى وقال إلهي هذا رفقك بمن قال أنا الإله، فكيف رفقك بمن يقول أنت الإله «قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا» فلا يقبل منا ويعجل عقوبتنا قبل إتمام الدعوة إليه لأن الفرط هو ما يتقدم الشيء «أَوْ أَنْ يَطْغى» ٤٥ علينا فيتجاوز الحد ويقول في شأنك مالا ينبغي أن يقال وهو أعظم من التفريط بحقنا والافراط بما يقع منه علينا