له شأن، بل لبقيت عصاه حية كما هي عليه، وبقيت عصيهم وأخشابهم وحبالهم على ما هي عليه أيضا، لأنها لا تؤثر في عصا موسى، ولقال الناس إن كلا من الطرفين أتى بشيء عجيب ولكن لم يغلب أحد الآخر، وإذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه ووفق إليه أحبابه «قالَ بَلْ أَلْقُوا» ما عندكم فألقوه «فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ» وإلى الناس أجمع «مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى» ٦٦ فرأوا الأرض امتلأت حيات وروابي، وأخذوا أعين الناس بما صاروا يدمدمون، حتى بهت الكل مما رأوا وتطاولت أعناق فرعون وملئه «فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى» ٦٧ من أن يلتبس على الناس الأمر فيصدقوا بعمل السحرة ويشكوا في أمره، لأن ما جاءوا به من جنس معجزة موسى من جهة العصا وزيادة عليها الأخشاب والحبال التي صارت كالجبال، فأوحى اليه ربه بأمره «قُلْنا لا تَخَفْ» مما تصورته ورآه الناس من عمل السحرة «إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى» ٦٨ القائمة بالعلو عليهم، الظافر الغالب حسبما هو مقدر في أزلنا «وَ» لأجل أن يعلم الناس والملك واتباعه غلبك عليهم وصدقك ويؤمنوا أن ما جاء به السحرة شعوذة لا قيمة لها، لأنها زائلة، وان ما جئت به هو من عند الله لا سرية فيه، وليذهب من قلوب الناس ما تصوروه وما القى من الخوف في قلبك خشية ميل الناس إليهم وتصديقهم، ولاظهار إخفاقهم «أَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ» عصاك لم يسمها تعظيما لها وليعلمه أنها أعظم مما جاءوا به كله ثم بشره ليزداد طمأنينة بقوله «تَلْقَفْ ما صَنَعُوا» من الإفك الذي سحروا به أعين الناس، فتلتقم الزئبق الذي دسوه فيها حتى أروهم الحبال والعصي حيات، والأخشاب جبالا وتبتلعه، وأكّد له هذا على طريق الحصر بقوله عز قوله «إِنَّما صَنَعُوا» من إراءة الجبال حيات والأخشاب جبالا هو «كَيْدُ ساحِرٍ» حيله ومكره لا حقيقة لها، وكل عمل يقوم به الساحر غير دائم «وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى» ٦٩ أينما أقبل وحل فتكون عاقبته الخسران والخيبة، فألقاها فكان ما كان كما أخبر الله، فعجب الناس وذهب بهم العجب أقصاه إلى حد لم يخطر ببال، ولم يتصوره أحد، ورأى السحرة ما هالهم أمره،