للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زُرْقاً

١٠٢ عيونهم وأبدانهم من هول وخوف ما يلاقونه من الشدائد، لأن النفخة الأولى تكون للموت لا للحشر، فلا وجه لقول من قال إن المراد بها الأولى، وكلمة زرقا لم تكرر في القرآن «يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ» يتشاورون سرا عن مدة مكثهم في الدنيا، فيقول بعضهم لبعض «إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً» ١٠٣ من الليالي في برزخكم ما لبثتم غيرها، استقصروا مدة لبثهم في الدنيا أو البرزخ أي القبر بعد الموت إلى البعث بالنسبة لما عاينوه من هول البعث، قال تعالى «نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ» في مشاورتهم عن مدة لبثهم وما يسرونه وما هو أخفى منه ومن غيره من جميع أحوالهم، راجع الآية ٧ المارة من هذه السورة «إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً» أحسنهم قولا وأوفاهم عقلا، وأوفرهم حسّا، وأكبرهم رأيا، وأكثرهم إدراكا «إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً» ١٠٤ ما لبثتم غيره، قصر في عينه ما مضى في جنب ونسبة ما استقبل، لأن ما دهمهم من الأهوال أنساهم مدة لبثهم فيها وإن ذلك ما بين النفختين إذ يرفع العذاب عنهم، قال ابن عباس سأل رجل من ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجبال كيف يكون حالها في الآخرة، فأنزل الله «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ» بعد هذه النفخة العظيمة التي تميت الخلق أجمع قبلها عدا ما استثنى الله ويراد بها النفخة الأولى، «فَقُلْ» يا حبيبي لهذا السائل «يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً» ١٠٥ يقلعها ويذريها بالهواء «فَيَذَرُها» يجعل أمكنتها «قاعاً صَفْصَفاً» ١٠٦ مستوية ملساء لا نبات فيها ولا غيره «لا تَرى فِيها عِوَجاً» انخفاضا وأودية وحفرا ومغاور «وَلا أَمْتاً» ١٠٧ ارتفاعا ولا صخورا ولا روابي، والعوج بكسر العين هو ما لا يرى بالبصر بل بالبصيرة، لأنه عبارة عما خفي من الاعوجاج حتى احتاج إثباته إلى المسافة الهندسية المدركة بالعقل، فألحق بما هو عقلي صرف فأطلق عليه ذلك لذلك، وبالفتح هو ما يدرك بالبصر كعوج الجدار والعود، وقيل لا فرق بينهما ويطلق كل منهما على الآخر حسيا كان أو معنويا. والأمت هو التنور والشقوق في الأرض ومطلق الميل، وله معان كثيرة غير هذه في اللغة، وأطلقه بعضهم على الرابية وأسنده لابن عباس رضي الله عنهما «يَوْمَئِذٍ» يوم يكون النفخ والخسف

<<  <  ج: ص:  >  >>