للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«تَنْظُرُونَ» ٨٤ ذلك لما تشاهدون من حال المحتضر فقط، وإلا لا يمكن أن تبصروا شيئا ماديّا، لأن الروح من أمر الله لا تشاهد ولا يسعكم إلا البكاء، لأنه لا يمكنكم دفع ما حل به ولا تأخيره ولا صرفه أبدا «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ» ولو أنكم معه «وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ» ٨٥ قربنا منه ولا تعلمون كيف نقبض روحه ولا ترون أملاكنا المحيطين به، لأنكم لا تفقهون معنى الروح ولا تعقلونه، لكونه من خصائص الإلهية، وأنتم لا ترون إلا شخوص بصره نحو السماء عند خروج روحه هذا إذا كان الخطاب لمن حضر المحتضر، وإذا كان الخطاب له يكون المعنى وانكم أيها المحتضرون ترون منزلتكم في الجنة أو النار حين خروج روحكم، ولذلك تشخص أبصاركم نحوها ونحن عندكم ومعكم، ولكن لا تبصرون وجودنا «فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ» ٨٦ مجزيين على تقصيركم، يقال وإنه إذا ثبت عليه الجرم والأولى أن يكون معناه غير مربوبين، وإن السلطان للرعية إذا ساسهم وتعبدهم ومنه قولهم للعبد مدين وللأمة مدينة قال الأخطل:

ربت وربا في حجرها ابن مدينة ... تراه على مسحاته يتركل

أي يضرب مسحاته برجله لتدخل في الأرض. لعمدتم «تَرْجِعُونَها» إلى جسدها بعد خروجها منه «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ٨٧ في دعواكم أن الميت ميت بالطبع ولا بعث ولا حشر ولا نشر ولا جزاء، ولكنكم لا تقدرون على ردّ أرواح الموتى بما تستمدونه من الرقى والطب مهما كان الراقي عارفا والطبيب حاذقا، لا يقدرون على شيء من ذلك، وإذا تحقق عجزكم عن هذا فاعلموا وتيقنوا أن الأمر منوط بالله وحده الذي خلقكم وأماتكم، هو يحييكم ثانيا، ويجعلكم أصنافا ثلاثة «فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ» ٨٨ السابقين المار ذكرهم ووصفهم في الآية ١٠ فما بعدها «فَرَوْحٌ» له واستراحة «وَرَيْحانٌ» يحيط به وهو المعروف عندنا، ولكن أين هذا من ذاك «وَجَنَّةُ نَعِيمٍ» ٨٩ له يتنعم فيها ما زال في برزخه إلى أن ينقله الله منه إلى الجنة الدائم نعيمها، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال لم يكن من المقرّبين يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصنين من

<<  <  ج: ص:  >  >>