يميل إلى عصيانك ولكنّا لا نفعل ذلك لأن الإيمان الجبري لا عبرة به، ولو كان له قيمة لآمن يوم القيامة جميع الخلق لما يشاهدون من الأهوال، ولآمن كل من في الدنيا حين يقع في يأس أو بأس، فاتركهم الآن، لأن شأنهم شأن أمثالهم الكفرة من أمم الرسل السالفة، راجع تفسير الآية ٨ من سورة فاطر والآية ١٧١ من سورة الأعراف المارتين «وَ» هؤلاء «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ» قرآن يتذكرون به «مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ» إنزاله عليك وتلاوته عليهم بحسب الحاجة والواقع مما هو أزلي في علمنا «إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ» مولين لا يلتفتون إليه، وهكذا كلما جدد الله لهم ذكرا ليتعظوا به، جددوا له كفرا وإعراضا «فَقَدْ كَذَّبُوا» بك يا حبيبي وبما أنزلناه عليك كما كذب الأولون أنبياءهم وكتبهم، فلا يهمنك تكذيبهم وإعراضهم «فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا» أخبار وعواقب «ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ٦ عند ما يمسهم عذاب الدنيا بالجلاء والأسر والقتل وعذاب الآخرة بالخزي والهوان والإحراق يعلمون نتيجة استهزائهم وعاقبة تكذيبهم، ثم ضرب مثلا لمنكري البعث بعد أن هددهم بما تقدم فقال جل قوله «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ» ٧ محمود كثير المنفعة بعد أن كانت لا شيء فيها قبل إنزال الغيث «إِنَّ فِي ذلِكَ» الإنبات لأنواع الحبوب والأزهار والأب لقوت الإنسان والحيوان والطير والحيتان «لَآيَةً» كافية على قدرتنا لإحيائكم بعد الموت وعلى وجوب إيمانكم بنبيئنا وكتابنا:
تأمل في نبات الأرض وانظر ... إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات ... بأهداب هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات ... بأن الله ليس له شريك
والمراد بهذا النبات هو النرجس، ممن كان له عقل سليم عرف بمجرد تأمله وتفكره في ذلك عظمة القادر فآمن به وصدق رسوله وكتابه، وهؤلاء قليل «وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ» ٨ لتوغلهم بالكفر وتماديهم في الضلال «وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ» الغالب القوي القادر على الانتقام منهم «الرَّحِيمُ» ٩ بأوليائة يقيهم شر أعدائه وينصرهم عليهم ويهلكهم عند يأس أنبيائه من إيمانهم «وَ» اذكر لقومك