على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف. وفي رواية: احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله بالرخاء يعرفك بالشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا. ولهذا البحث صلة في الآية ١٧ من سورة الأنعام ج ٢.
وفي الآية ٤١ من سورة الرعد ج ٣. فراجعها. وبعد أن ابتدأ جل ثناؤه في هذه السورة بهذا الحرف الذي هو رمز بينه وبين حبيبه أقسم فقال «وَالْقَلَمِ» الجاري بما كان وما يكون «وَما» وأقسم ايضا بالذي «يَسْطُرُونَ ١» أي تسطره، حفظته من أعمال الخلق ويدونونه بكتبهم، أو باللوح الذي سطرت عليه أعمالهم إذا كان الضمير عائدا إلى القلم وجمع الضمير تعظيما لشأنه وعبر عنه بضمير العقلاء لقيامه مقامهم ولذا جعله فاعلا «ما أنت» يا أكمل الرسل «بِنِعْمَةِ رَبِّكَ» التي منّ بها عليك وهي النبوة والرسالة «بِمَجْنُونٍ ٢» بطائش كما يزعم جهلة قومك فاشكر هذه النعمة ولا تكدر جنانك بما يقولون وعاملهم بما أنت عليه، وهذه الجملة جواب القسم وفيها تنبيه على كذب قومه فيما رموه به من الجنّة لأنهم لا يعقلون ان من أكرمه الله بالنبوة لا يكون إلا كاملا في جميع الأوصاف فكيف يكون مجنونا «وَإِنَّ لَكَ» عندنا «لأجرا» عظيما لا يقدر البشر قدره «غَيْرَ مَمْنُونٍ ٣» به عليك والمنة لا تكدره كامل غير منقوص دائم غير مقطوع وقد زيدت اللام في (لأجرا) تأكيدا بتحققه كما زيدت الباء في (بمجنون) تأكيدا للنفي أي فاستمر على تحمل أذاهم وجفاهم واصبر على طعنهم وتحقيرهم واجر على الحق الذي أنت عليه ولا يمنعك ما يفترون به عليك من جراء تبليغ الرسالة لأنه كذب محض وافتراء ومنشؤه الحسد على ما منّ به عليك ربك دونهم «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ٤» لا أعظم منه بدليل التنكير والوصف يسع جهلهم وغيرهم وهو خير ما أوتي الرجل، لأن حسن الخلق جامع لمحاسن الأفعال، قالت عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: ما كان