للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لن يفلح قوم ملكوا أمرهم امرأة. وبمناسبة قول الهدهد لسيدنا سليمان نذكر للقراء أن السلطان عبد الحميد العثماني رحمه الله كان إذا خرج إلى المسجد يخرج في موكب عظيم لا بضاهيه ملوك الأرض فيه، وكان يوقف ثلة على طريقه، وعند وصوله إليهم يقفون له بالاحترام ويقولون له بصوت عال يسمعه من معه من الملأ والوزراء والعلماء المحيطين به بلغتهم التركية (بادشاهم مغروروله سندن بيوك الله وار) يعني (يا سلطاننا لا تغتر الله أكبر منك) وعند ما يسمع كلامهم هذا يحني رأسه خضوعا لما قالوا إذلالا لنفسه، في عز سلطته المهيبة الباهرة، وجرى من بعده على هذه الخطة هضما لنفسه أيضا، مما يدل على أن ما يقوله الناس في ملوك آل عثمان مبالغ فيه والله أعلم، وأنهم كانوا يحترمون العلم والعلماء ويقدمونهم على غيرهم، من أهل الرتب العالية ويستثنون طلبة العلم من الخدمة الإجبارية ويعظمونهم في التشريفات فيقولون عند استقبالهم تفضّلوا، رتبة العلم أفضل الرتب. هذا، ومن تتمة قول الهدهد «وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ» وذلك لأنهم كانوا مجوسا «وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ» القبيحة، فرأوها حسنة «فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ» الحق طريق أهل الرشد والهدى الذي هو السجود لله وحده، لأن الشيطان لا يدلهم إلا على الضلال «فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ» ٢٤ إلى الصواب ما داموا متبعيه، ولذلك زين لهم أعمالهم الخبيثة «أَلَّا» لئلا على قراءة التشديد التي عليها القرآن، وعلى قراءة التخفيف يكون (ألا) أداة استفتاح تدل على الطلب بلين ورفق، ويكون المعنى ألا أيها الناس «اسجدوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ» الشيء المخبأ المستور المدخر «فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» كالمطر والبرد والثلج وغيره والماء والنبات والأشجار والمعادن وغيرها مما علم ومما لم يعلم بعد «وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ» في أنفسكم من كل قول أو فعل «وَما تُعْلِنُونَ» ٢٥ بالتاء، والياء بالخطاب والغيبة، واعلموا أيها الناس بأن العالم بذلك كله وغيره، هو «الله الذي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» الذي لا أعظم منه، ولا يضاهيه عرش، الذي لا يستحق العبادة غيره، فعرش بلقيس وعرش سليمان وغيرهما لا تكون ذرة في صحراء بالنسبة لعرش الرحمن، اقرأوا إن شئتم

<<  <  ج: ص:  >  >>