للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المارة، ومن آدب ممن يعلمون الناس الأدب الذي تلقوه من رب الأرباب والا كان بوسعه ان يكلفها إراءة رجليها لمن يريد أن تراها عنه، على أن قضية زواجها به لم تثبت بالقرآن إذ انتهت قصتها بإسلامها فقط، ولا يوجد حديث صحيح بذلك، أما الأخباريون فقد ذكروا أنه تزوجها، وان الشياطين عملوا له النورة والحمام لإزالة شعر ساقيها، ولم تعرف النورة ولا الحمام قبل ذلك، وانها ولدت له ولدا، وكان يزورها في محلها كل شهر ثلاثة ايام، إذ أقرها على ملكها في مأرب وتوابعها، وبنى لها ثلاثة قصور حصينة سماها سلمين ويلبسون وعمران، لم ير الرائي ارتفاعها وحسنها وزخرفتها، وقيل انه زوجها ذا تبع ملك همدان وأمر زوبعة ملك الجن بأن يعمل لذي تبع ما يأمره به، ويفي الأمر كذلك حتى مر سنة على موت سليمان عليه السّلام، كما سيأتي بيانه في الآية ١٣ من سورة سبأ في ج ٢، والحكمة في إخفاء موته عليه السّلام هذه المدة ليظهر الناس كذب الجن بادعائهم علم الغيب، إذ لو علموا بموته ما داموا على أعمالهم الشاقة التي كان يكلفهم بها، قالوا ثم نادى مناد ان سليمان قد مات، وانقضى ملكه وملك ذي تبع وملك بلقيس وبقي لصاحبه الواحد القهار، وجاء في تفسير الخازن بأنه قد ولي الملك عليه السّلام وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين، فتكون مدة حكمه أربعين سنة، راجع الآية ١٦ المارة تجد خلافه والله أعلم. قال تعالى «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً» فقال لهم «أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ» وحده ودعوا ما يعبد آباؤكم من الأوثان «فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ» مؤمن وكافر «يَخْتَصِمُونَ» ٤٥ فيما بينهم كل يرى نفسه محقا في دعواه، وهنا أطلق الجمع على ما فوق الواحد صراحة، وقال من لا يجيزه إن جمع ضمير يختصمون مع أنه يعود إلى اثنين، لأنه في الأصل يعود إلى مجموع الفريقين، ونظير هذه الآية ٧٨ من الأنبياء في ج ٢، وهي (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) مع أن الضمير يعود لداود وسليمان فقط ومن أراد غير هذا قال ان الضمير يعود للحاكمين والمحكومين معا، وهناك آية أخرى أيضا بيناها في تفسير هذه الآية هناك فراجعها، وعلى الأولى فيه اشارة على أن الاثنتين جمع وعليه المناطقة والألسنة الأجنبية «قالَ» للكافرين منهم «يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>