قال تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) الآية ١٣ من سورة سبأ في ج ٢، وهكذا الأقل هو الشاكر والأكثر «لا يَشْكُرُونَ» ٧٣ نعم الله التي من جملتها تأخير نزول العذاب «وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ»
من عداوتك وتخفيه من مناوأتك «وَما يُعْلِنُونَ» ٧٤ منها وهو يكفيك ذلك «وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ» مهما كانت غامضة متغمضة في الخفاء «إِلَّا» قد علمها الله وأحاط بها من قبل وأثبتها «فِي كِتابٍ مُبِينٍ» ٧٥ لمن له حق النظر فيه وهو على ظهوره فيه كل شيء مكتوم عن غير الله، وهو مصدر كل الكتب الإلهية «إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ» المدون ذلك الكتاب المنزل عليك يا محمد «يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ» أهل الكتابين التوراة والإنجيل الذين يستفتونهم أهل مكة في أمرك «أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» ٧٦ من أمر دينهم ودنياهم، لأنهم أنفسهم اختلفوا بعضهم مع بعض، فمنهم من يقول المسيح هو الله ومنهم من يقول ابنه، ومنهم من يقول ثالث ثلاثه، ومنهم من يقول نبي كسائر الأنبياء وهو الصحيح، ومنهم من ينسبه وحاشاه إلى الكذب في دعواه وأمه إلى ما هي براء منه وهي العذراء التقية المصونة المفضلة على نساء زمانها، وان اليهود عليهم غضب الله كذبوه وقصدوا إهانته فأنجاه الله منهم ورفعه إليه، وقالوا عزير ابن الله، وقالوا على الله بالبداء أي أنه يفعل الشيء مما يقع في كونه ثم يندم على فعله فيفعل غيره، وحاشاه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، واختلفوا في أمر النبي المبشر به في التوراة فمنهم من يقول يوشع، ومنهم من يقول عيسى، ومنهم من يقول لمّا يأت ولم يحن زمانه، ومنهم من يقول هو محمد وهو الصحيح، ولهم اختلافات في أمر دينهم ودنياهم لا تدخل تحت الحصر، وقد أنزل الله هذا القرآن على محمد بين فيه ما اختلفوا فيه بيانا كافيا شافيا مما يوجب إيمانهم لو تأملوا وأنصفوا، ولكنهم لم يفعلوا مكابرة، ولذلك كذبوه كما فعل المشركون من قومه أو قالوا فيه ساحر وكاهن وناقل ومتعلم، وأن القرآن سحر وكهانة وأساطير الأولين، فقد كذبوا، وصفه أنه كلام الله عز وجل «وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» ٧٧