للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمان ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم الدابة، قلت يا رسول الله من أين تخرج؟ قال من أعظم المساجد حرمة على الله (ولا أعظم عند الله كرما ولا أوجب حرمة ولا أكثر تبجيلا من المسجد الحرام على خلق الله كذلك ذكرنا آنفا أنه هو) فبينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون، إذ تضطرب الأرض وتنشق الصفا مما يلي المسعى، وتخرج الدابة من الصفا، أول ما يخرج منها رأسها ملمعة ذات وبر وريش، لن يدركها الطالب ولن يفوتها هارب، تسم الناس مؤمنا وكافرا، فأما المؤمن فتترك وجهه كأنه كوكب دري، وتكتب بين عينيه مؤمن، وأما الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء وتكتب بين عينيه كافر. وعن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: بئس الشعب شعب أجياد، مرتين أو ثلاثا، قيل ولم ذلك يا رسول الله؟ قال تخرج منه الدابة تصرخ ثلاث صرخات يسمعها من بين الخافقين. وروي عن ابن عباس أنه قرع الصفا بعصاه وهو محرم، وقال إن الدابة تسمع قرع عصاي. وجاء عن ابن عمر قال إن الدابة تخرج ليلة جمع (ليلة عرفة يقال لها ليلة جمع ويوم جمع لاجتماع الناس فيها) والناس يسيرون إلى منى وروي عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن ايّل، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا. وقال عبد الله بن عمر تمس برأسها السحاب، ورجلاها في الأرض، وقال علي كرم الله وجهه: لها لحية، ولا ذنب لها. وقال وهب: وجهها وجه رجل وسائر خلقها كالطير، والله أعلم بحقيقتها. الحكم الشرعي وجوب الاعتقاد بخروجها جزما اعتقادا لا مرية فيه، ومن أنكرها يكفر والعياذ بالله لثبوتها نصا بالقرآن العظيم وينفي تأويلها عن الظاهر الأحاديث المارة الذكر، لذلك يجب أن يعتقد أن كل تأويل يصرف حقيقتها إلى معنى آخر على طريق المجاز باطل لا يجوز الالتفات إليه. أما وقت خروجها وكيفيّتها ومكان خروجها وما تقوله وتفعله، فيجب أن يجعل علم ذلك إلى الله، لأن الأحاديث كثيرة في ذلك، وفيها ما يعارض بعضه بعضا، وقد نقلنا أصح ما جاء فيها من الأخبار وتركنا غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>