في كل يوم ثلاث حاجات وكانت برصاء أعيا الأطباء شفاؤها، فأخبره السحرة بأنها لا تبرأ إلا بريق شبه إنسان من البحر، ويكون ذلك في يوم كذا عند شروق الشمس، وفيه غدا فرعون إلى مجلس له كان على ضفة النهر المار في قصره، ومعه آسية بنت مزاحم زوجته وبنته المذكورة وجواريها، فرأى فرعون شيئا طافيا على وجه الماء، فأمر ملاحته فأتوا به فإذا هو تابوت من خشب، فعالجوا فتحه فلم يقدروا، فأخذته آسية ففتحته وإذا فيه صبي يمص رزقه من إصبعه، والنور ساطع بين جبينه، ورأت بنت فرعون لعابه بسيل من شدقيه، فأخذته ولطخت به برصها فبرئ من ساعته، فأحبّته حبا شديدا، وصارت تقبله وتضمه إلى صدرها وكذلك آسية، وسمع ملأ فرعون به، فقال غواتهم أيها الملك نخشى أن يكون هذا هو المولود الذي أخبرنا به بالنظر لما نتوسم به، وأشاروا بقتله وأجمعوا على ذلك، وكانت آسية حين أخرجته من التابوت سمته موسى لأنه كان طافيا بين الماء والشجر، الماء بلسان القبط معناه موو الشجر سا، فقالت إن الذي أخبرتم به من بني إسرائيل، وهذا لا يعلم أنه منهم، والذي أخبرتم به من مواليد هذه السنة، وهذا ابن سنتين وخطأت رأيهم، واستوهبته لنفسها من فرعون، فوهبه لها وأجمعت هي وتبنته على حبه، وهذا مغزى قوله تعالى «وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ» اتركه هو «قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ» قال تركته لك لا لي، انه عبراني من الأعداء كيف أخطأه الذبّاحون، وقد جاء في الحديث لو قال كما قالت لهداء الله كما هداها، ولكن من طبع على قلبه لا هادي له، ثم التفتت آسية إلى الغواة الذين أشاروا بقتله، وانتهرتهم بما قص الله تعالى بقوله «لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً» والتفتت إلى فرعون منتحلة سببا آخر وقالت، إنك أمرت بذبح أولاد هذه الأرض وقد أتانا من أرض اخرى، ثم جهلت الوزراء فقالت «وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ» ٩ انه هو المخبر به من قبل الكهنة، وهذه الأسباب الثلاثة مانعة من كونه هو، لانه لم يعلم انه من بني إسرائيل وهو في ارض غير ارض مصر، وهو ابن سنتين والمأمور بذبحهم أولاد هذه السنة، وكان عمره عليه السلام إذ ذاك ثلاثة أشهر، لكن