للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يقول ذلك القول لأنه عرف من فحوى المخاطبة بين موسى والاسرائيلي والاستغاثة به عليه ان قتل القبطي وقع منه، وكلاهما يعلم أن ما حصل للاسرائلين من المهابة هو لأجل موسى لأنه تربى في بيت الملك، ويعلمون أن الملك وزوجته وبنته يحبونه حبا جما، فقال ما قال بحقه، هذا، وأن أكثر المفسرين مشوا على أن القائل هو الاسرائيلي لأنه توهم إرادة البطش بدون القبطي، لأنه سماه غويا فقال ما قال بحق موسى وفشى أمره بين الناس بأنه هو القاتل، ولذلك قالوا انه، السامري، فيكون جزاء موسى منه افتضاح أمره ووصمه بالجبارية وعدم الإصلاح فيصدق عليه قول القائل:

ومن يفعل المعروف في غير أهله ... يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم

أو المثل المشهور (يجازى جزاء سنمار) ويصدق الخبر الوارد: أبت النفس الخبيثة ان تخرج من الدنيا حتى تسيء لمن أحسن إليها، والخبر الذي نقله الغزالي رحمه الله: اتق شر من أحسنت إليه. وارى التفسير الأول اولى والله اعلم.

قالوا وكان اهل المقتول الأول راجعوا فرعون بقضية قتيلهم، إذ وجدوه ولم يعلموا قاتله، فقال حققوا واخبروني، وقد صادف ان حضروا هذه الحادثة الأخيرة وما قاله موسى وما رد عليه به على التفسيرين المارين فتعرفوا ان القاتل هو موسى، فذهبوا واخبروه هذا ما قصه الله علينا في كتابه العظيم من القتل والمقتول والقاتل اما الموجود في التوراة الموجودة الآن هو ان الرجلين الأولين كما قص القرآن اما الآخران فكلاهما من بني إسرائيل ووجه العداوة ان هذا الذي أراد أن يبطش به موسى كان ظالما لمن استصرخه، فيكون بظلمه عدوا له وعاصيا لله تعالى، والعاصي لله عدو لموسى، وفيها أيضا ما هو صريح في أن الظالم هو قاتل ذلك، يعني موسى عليه السلام راجع الاصحاح الثامن من الخروج ص ١١ و ١٥، ومن المعلوم أن ما يكون في التوراة مخالفا للقرآن لا يلتفت إليه، وكذلك فيما يخالف السنة، وذلك بسبب التبديل والتغيير الذي طرأ عليها والنسخ، وفيما عدا ذلك من أخبار بني إسرائيل وغيرها فلا بأس بأن يستأنس بها لبعض الأمور، ولا يجب التصديق بها، ولا ينبغي تكذيبها، لأن التوراة بالنسبة للعصر الحاضر هو

<<  <  ج: ص:  >  >>