للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَكَ فِي جَيْبِكَ»

هو فتحة الثوب من حيث يدخل رأسه عند اللبس، وأراد منه أن يضعها تحت إبطه ليريه معجزة أخري، بحيث أنّ يده السراء «تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ» برص، ففعل فإذا هي تبرق كالشمس، ولم يعرف كيف يتمكن من إعادتها لحالتها الأولى، إلا أنه لما عرف إعادة العصا لحالتها الأولى حال أخذها من الأرض، ففعل بيده مثل ما فعل بالعصا بان أعاد يده لإبطه، ثم أخرجها فإذا هي على حالتها الاولى، ولما كان عليه السلام لحقه خوف من هاتين المعجزتين ولا سيما العصا، أراد الله أن يعلمه ما يزيله عنه فقال «وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ» الخوف، ففعل فذهب عنه الروع وعرف من هذا أنه كلما هاله أمر ضم يديه الى صدره فيزول خوفه بإذن الله تعالى، قال ابن عباس أمر الله نبيه أن يضم يده إلى صدره ليذهب عنه الرعب وما من خائف بعد موسى إلا وبضع يده على صدره عند الخوف فيزول خوفه بإذن الله تعالى. قال أبو علي الفارسي هذا أمر منه سبحانه بالعزم على ما أراده منه، وحض على الجد فيه لئلا يمنعه الجد الذي يغشاه في بعض الأحوال عما أمر بالمضي فيه، وقيل ان الرهب بلغة حمير هو كم الثوب، وعليه يكون المعنى والله اعلم، اضمم إليك يدك وأخرجها من كمك وتناول عصاك ولا تخف، فان العصا واليد قد عادتا لحالتهما «فَذانِكَ بُرْهانانِ» آيتان عظيمتان، وحجتان بالغتان، ودليلان قاطعان، على صدق نبوتك «مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ» فاذهب إليهم وانما ذكر الضمير مع أنه يعود لمؤنثين مراعاة للخبر الذي هو مذكر، أي ان قلب العصا حية واليد السمراء بيضاء نقية ميزة على الصورة المارة للمذكر، برهانان لك، فإذا طلبوا منك دليلا على دعواك النبوة فاظهرهما إليهم وادعهم للايمان «إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ» ٣٣ خارجين عن الطاعة، متوغلين في العصيان، متجاوزين الحدود «قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ» ٣٤ بها والمراد بهذا الخبر طلب الحفظ والتأييد لإبلاغ الرسالة على أكمل وجه لا الاستعفاء عنها، كما زعمت اليهود بانه استعفى ربه من قبول ذلك، وجاء في التوراة الموجودة بأيدينا في الإصحاح الرابع من الخروج الآية ١٤ ما نصه (استمع أيها السيد أرسل بيد من ترسل) وجاء في

<<  <  ج: ص:  >  >>