للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعقل، وكيف تترك الحقيقة ويصار إلى المجاز دون صارف ملزم بالجنوح إلى المجاز لعدم إمكان استعمال الحقيقة، وإذ لا فلا، لذلك فان تأويل الرسول بالعقل على غير ظاهره لا عبرة به، قال تعالى «فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا» وهو إرسالك إليهم المؤيد بالقرآن

المنزل عليك «قالُوا» هؤلاء العتاة «لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى» من الآيات كالعصا واليد والكتاب المجسم دفعة واحدة لآمنا به، وإذ لم يؤت شيئا من ذلك فلا نؤمن به تجبرا وعتوا وعنادا بك، وتكبرا عن الأخذ بما أنزل إليك واعتراضا على الله الذي له أن يخص من أنبيائه بما شاء من المعجزات فقل لهم «أَوَلَمْ يَكْفُرُوا» يجحدوا وينكروا هؤلاء اليهود الذين كلفوا قومك أن يقترحوا عليك هذا الاقتراح «بِما أُوتِيَ مُوسى» من الآيات والكتاب «مِنْ قَبْلُ» إنزال القرآن عليك وكفروا بما جاءهم موسى ولم يمتثلوا الأخذ به إلا قسرا يرفع الجبل فوقهم وتهديدهم بأنه إذا لم يقبلوا أحكام التوراة أطبقه الله عليهم وأهلكهم به، راجع الآية ١٧٠ من الأعراف المارة «وَقالُوا» هؤلاء الكفرة حين بعثوا إلى رؤوس اليهود في المدينة يسألونهم عن محمد، فأخبروهم أن قصته موجودة في التوراة ولكنهم لا يعلمون انه هو، أو أن اليهود لما فشا أمر محمد صلّى الله عليه وسلم في مكة أرسلوا إلى قريش بأن يسألوا محمدا أن يظهر لهم معجزات مثل موسى إن كان ما يدعيه حقا، فأنزل الله هذه الآية تبكيتا لهم وتقريعا بهم، إذا كان عليهم بدلا من أن يسألوه أن يؤمنوا به لأنه مرسل لهدايتهم وإرشادهم «سِحْرانِ تَظاهَرا» أي قال الكفرة من قريش ان ما أنزل إلى موسى وما أنزل إلى محمد عبارة عن سحرين تعاونا لتقوية بعضهم بعضا، لأن كلا من المنزل عليهما موسى ومحمد يريد إظهار حجته على طريق السحر «وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ» من موسى ومحمد وكتابيهما «كافِرُونَ» ٤٨ جاحدون لا نصدق بأحد منهما ولا بما جاءا به قال تعالى يا أكرم الرسل «قُلْ» لقومك وأهل الكتاب الذين هم في زمنك الذين تخابروا بشأنك وكتابك إن كنتم تكفرون بكل ذلك «فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما» أي التوراة والإنجيل «أَتَّبِعْهُ» أنا، أمره ربه أن يتحداهم بهذا على عجزهم عن الإتيان به «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ٤٩

<<  <  ج: ص:  >  >>