«لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ» القرآن العظيم لكرامتهم إياه «وَيَقُولُونَ» عند سماعه منه «إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ٥١» لجهلهم حقيقته ولتنفير الناس عنه فرد الله عليهم بقوله الأزلي «وَما هُوَ» الذي تصفون به رسولي بالجنة لقراءته لكم إن هو «إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ٥٢» أجمع يتذكرون به ما وقع على الأمم السابقة ويتعظون بأوامره ونواهيه فليس بخرافات الأولين ولا سحر ولا كهانة ولا شعر بل هو كلام الله الأزلي المشتمل على ما كان وما يكون من أمر الدنيا والآخرة فمن وفقه الله لفهمه شرح صدره، ومن خذله جعله ضيقا حرجا لا يعيه ولا يفهمه، راجع تفسير الآية ١٢٥ من سورة الأنعام في ج ٢. ترشد إلى هذا. قال ابن عباس وقال الحسن دواء إصابة العين قراءة هذه الآية. وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العين حق.
وزاد البخاري ونهى عن الوشم، وروى مسلم عن أبي عباس أن رسول الله قال العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغتسلوا. وعن عبد الله بن رفاعه الرزقي أن أسماء بنت عميس كانت تقول يا رسول الله إن ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقي لهم قال نعم، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين.
أخرجه الترمذي. وجاء في روح البيان قد صح من طرق عديدة أن العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر، وعن أبي ذر مرفوعا أن العين لتولع بالرجل بإذن الله تعالى جى يصعد حالقا (الجبل الشامخ) ثم يتردى منه. فيفهم من هذا الخبر ان المعان تعتربه حالة الجنون لذلك تسوقه إلى طرح نفسه إرادة قتلها، هذا وقد أنكر المبتدعة هذه الأحاديث التي أخذ بها جماهير العلماء ويرد قولهم ويدحض انكار (القاعدة) وهي أن كل معنى ليس مخالفا في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل فانه جائز عقلا فإذا أخبر الشارع بوقوعه وجب اعتقاده ولا يجوز تكذيبه كهذا فان مذهب أهل السنة والجماعة ان العين إنما تفسد وتهلك عند مقابلة الشخص العاين بشخص آخر فتؤثر فيه بقدرة الله تعالى وفعله وقوله صلى الله عليه وسلم (ولو كان شيء سابق لقدر لسبقته العين) فيه اثبات القدر وانه حق ومعناه أن الأشياء كلها