شك في هذا أو أنكره فهو كافر والعياذ بالله لإنكاره القرآن صراحة، هذا هو القول الفصل في الإسراء، أما المعراج فهو قول ثابت كما سنورد عليك من الشواهد القوية والحجج الساطعة والدلائل القاطعة ما نقنع بثبوته ووقوعه، ومن أنكره فقد خرق الإجماع، ومن انشق على اجماع أهل السنّة والجماعة فإنه يفسق شرعا ولا تقبل شهادته ويوشك ان يدخله الله تعالى في معنى الآية ١١٤ من سورة النساء من ج ٢، لأن مخالفة العلماء مخالفة للرسول ومخالفة الرسول مخالفة لله، هذا وقد اجمع المفسرون على أن المراد بعبده في هذه الآية محمد صلّى الله عليه وسلم كما أجمعت على هذا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلم يختلف عن ذلك أحد، كما أنهم لم يختلفوا في الإسراء لما فيه جحود صراحة القرآن ومن شك لا حظ له في الإسلام هذا ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وليعلم ان العبودية أفضل من العبادة لأن العبادة تنقضي بالدنيا والعبودية باقية في الدنيا والآخرة، وهي اشرف أوصاف العبد عند العارفين الكاملين، وبها يفتخر المحب عند محبوبه قال:
لا تدعني إلا بيا عبدها ... فإنه أشرف أسمائي
فقال الآخر:
بالله إن سألوك عني فقل لهم ... عبدي وملك يميني وما أعتقته
وذكر العلماء أن الله تعالى لم يعبّر عن أحد بالعبد مضافا الى ضمير الغيبة المشار به الى الهوية إلا عن نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم، وفيه من الإشارة وعلو الشارة ما فيه، ومن تأمل أدنى تأمل بين قوله تعالى (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) الآية من سورة والنجم المارة وبين قوله (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) الآية ١٢٠ من المائدة من ج ٣ بان له الفرق بين مكانة روح الله ومكانة رحمة الله، ومن قابل بين قوله سبحان الذي أسرى الآية المارة وبين قوله (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) الآية ١٤٢ من سورة الأعراف المارة، ظهر البعد بين مقام الحبيب وبين مقام الكليم، ومن وازن بين هذه الآية وآية (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) المارة من سورة الأنعام من ج ٢ عرف البون بين مقام ذلك الخليل ومقام هذا الحبيب الجليل.