للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإيمان كامل، وبصيرة طاهرة تعقلها وتصدق بها تصديقا لا مرية فيه. ومن لا يؤمن بمثل هذه الأمور المعنويات يخشى على إيمانه، لأنها قد تؤدي لإنكار ما هو أعظم والعياذ بالله خصوصا فيما نحن فيه، لإطباق العلماء على صحته وأكثر العارفين على حقيقته، فالحذر الحذر من أن تشك يا أخي في هذه اليقينيات إذ قد يتطرق الشك فيها إلى كثير من أمور الدين، فيسلب دين الشاك وتضمحل عقيدته في الإسلام والعياذ بالله تعالى من حيث لا يشعر، ولهذا يجب على المؤمن أن يسلم ويذعن لما جاء عن ربه ورسوله، ولا يقيسها على الأمور الحسية فيصير إبليس الثاني راجع مقايسته في الآية ١٢ من سورة الأعراف المارة. قال ثم أعاده إلى مكانه وأشار إلى صدره فالتأم كما كان، وهذه معجزة ثالثة له صلّى الله عليه وسلم. واعلم أن هذا الشق غير الذي وقع له في صغره عند ظئره حليمة، وفيها أخرج الملك من صدره الشريف علقة سوداء دموية، وقال له جبريل هذا حظ الشيطان منك.

وهي محل الغمز والوسوسة فلم يبق للخبيث حظ فيه، ولهذا كان صلّى الله عليه وسلم في صغره لم يمل إلى ما يميل إليه الأولاد من اللعب واللهو، وهكذا شأن الأنبياء في صغرهم كما مر في سورة مريم من شأن يحيى وعيسى، ثم أنه شق صدره ثانيا حينما شرفه الله بالنبوة وغسل قلبه الشريف وأعيد لمحله على النحو المار ذكره لتحمل أعباء النبوة التي لا يقواها مطلق قلب، وهذه المرة الثالثة لتصفيته للقاء ربه عزّ وجل وتخليصه من الأغيار ليتسنى له حفظ الأسرار الإلهية والكمالات الربانية التي ستلقى عليه. الرابعة أن جبريل عليه السلام جاءه بخاتم من نور فختم على قلبه وبين كتفيه بخاتم النبوة، وكان يراه الرائي بحسب مكانته عند الله وقدر محبته لرسوله واعتقاده به، فمنهم من يراه مثل زر الحجلة (الخيمة) التي يغطى فيها السرير ويدخل في العروة، ومنهم من يراه قطعة نور، ومنهم من يرى فيه عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومنهم من يرى غير ذلك، ولكل وجهه.

مطلب في البراق والأقوال الواردة في المعراج:

الخامسة هي أنه صلّى الله عليه وسلم جيء بالبراق مسرجا وملجا وهو له دابة بيضاء لها بريق يلمع دون البغل وفوق الحمار، خدّه خد إنسان وقوائمه قوائم بعير، وعرفه عرف

<<  <  ج: ص:  >  >>