للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقوبة البغي. وقال المكر والخديعة والخيانة في النار. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثلاث من كن فيه كن عليه وورد: ثلاث رواجع أي ترجع على المبتدئ بهن البغي والنكث والمكر قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) الآية ٢٤ من سورة يونس في ج ٢، وقال تعالى (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) الآية ١٠ من سورة الفتح ج ٣، وقال تعالى (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) الآية ٤١ من سورة فاطر المارة، هذا وكم أوقع الغدر في المهالك من غادر وضاقت عليه من موارد الهلكات فسيحات المصادر وطوقه غدره طوق خزي فهو على فكه غير قادر، وأوقعه في مظنة خسف وورطة حتف، فماله من قوة ولا ناصر. ويشهد لهذا قصة ثعلبة بن حاطب الأنصاري التي سيأتي ذكرها في الآية ١٠٥ فما بعدها من سورة التوبة في ج ٣، فلا خزي أفظع من ترك الوفاء بالميثاق، ولا سوء أقبح من غدر يسوق إلى النفاق، ولا عار أفضح من نقض العهد والميثاق وجاء في المثل لم يغدر غادر إلا لصغر همته عن الوفاء واتضاع قدره عن احتمال المكاره في جنب نيل المكارم. وأكثر الشعراء في ذمّه فقال بعضهم:

غدرت بأمر كنت أنت جذبتنا ... إليه وبئس الشيمة الغدر بالعهد

وهو أصناف بحسب النتائج، فمنه الخلف بما يعد من الصغائر كالوعد بإعطاء شيء ثم النكول عنه، وبالمجيء إلى مكان ثم الخلف به، ومنه ما يكون من الكبائر كالإخلال بمعاهدات الصلح والهدنة الموقتة والمبايعة للإمام، ومن الكبائر الخروج على الإمام بعد المبايعة له أيضا بغير وجه شرعي يخالف نص المبايعة، قال تعالى «وَأَوْفُوا الْكَيْلَ» أتموه وأعطوه وافيا لا تنقصوه «إِذا كِلْتُمْ» للمشتري أيها الباعة «وَزِنُوا» إذا وزنتم لغيركم ولأنفسكم من غيركم «بِالْقِسْطاسِ» القبان ومثله الميزان «الْمُسْتَقِيمِ» العدل السوي كان الموزون ذهبا أو حطبا، وقد اكتفى جل شأنه باستقامة الوزن عن الأمر بإيفائه، لأن الوزن عند استقامة ما يوزن به لا يتصور الجور فيه غالبا، بخلاف الكيل فإنه كثيرا ما يقع التطفيف فيه مع استقامة الكيل، لهذا ذكر الاكتفاء بإيفائه عن الأمر بتعديله.

<<  <  ج: ص:  >  >>