أمره لنفسه إذ لا ناصر له، والمدحور المطرود المهان المستخف به، قال ابن عباس رضي الله عنهما هذه الثماني عشرة آية في التوراة عشر آيات كانت في ألواح موسى عليه السلام، وفي الدر المنثور: أخرج ابن جرير عن ابن عباس أن التوراة كلها في خمس عشرة آية من بني إسرائيل (يعني سورة الإسراء هذه) ثم تلا ولا تجعل مع الله إلى آخر هذه الآية، أي أن غالب أحكام التوراة داخلة في هذه الآيات، أما الوصايا العشر التي هي في التوراة فهي من جملة هذه الآيات وداخلة فيها وهي مبينة تماما في الآيات ١٥٢ و ١٥٣ و ١٥٤ في سورة الأنعام في ج ٢ كما سنبينها في محلها إن شاء الله. واعلم أن الله تعالى ذكر في هذه السورة أولا عصيان بني إسرائيل وإفسادهم وتخريب بيت المقدس وتدميره وإياهم، وختمها كما سيأتي في استفزاز فرعون لهم وإرادته إهلاكهم، ونوه بالآيات التسع التي أظهرها لهم على يد موسى عليه السلام، وأنه دمّر فرعون وقومه وأورث ملكه وأرضه إلى موسى وقومه، وأن بني إسرائيل بعد ذلك كله استفزوا محمدا صلّى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى المدينة وأرادوا إخراجه منها، وحينما كان في مكة أرادوا استفزاز قريش عليه، وقالوا لهم سلوه عن الروح وأهل الكهف وعن ذي القرنين كما سيأتي تفصيله في الآية ٨ من سورة الكهف، وهذا من بعض تعنتات اليهود. وجاء ذكرهم في هذه السورة تعريضا بهم بأنهم إذا لم يؤمنوا بمحمد سينالهم ما نال فرعون، لأنهم أرادوا بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلم ما أراد فرعون بموسى وأصحابه، وجاء هذا البحث هنا استطرادا بسبب ذكر التوراة وما فيها راجع الآية ١٦٦ من الأعراف المارة. قال تعالى «أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ» اختصكم «بِالْبَنِينَ» واختارهم لكم «وَاتَّخَذَ» هو لنفسه جلت نفسه «مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً» مع أنهنّ أدنى حالا من الذكور «إِنَّكُمْ» أيها الكفرة المختارون لأنفسكم الأحسن «لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً» ٤٠ في حق المتّصف بالكمال المنزه عن اتخاذ الولد، وتجرءون على هذا ولا تخشون عظمته بأن ينزل بكم أعظم العذاب. نزلت هذه الآية بالمشركين القائلين إن الملائكة بنات الله، تعالى الله عن ذلك، وإنما وصف الله قولهم هذا بالعظيم لأنه لا أعظم منه، إذ جعلوه جل جلاله من قبيل الأجسام السريعة الزوال المحتاجة إلى بقاء النوع بالتوالد، وهو ليس كمثله