للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين) وذلك أنهم لما أيقنوا بالجلاء حسدوا المسلمين أن يسكنوا منازلهم، فجعلوا يخربونها من داخل، والمسلمون من خارج، قال قتادة والضحاك: كان المؤمنون يخربون من خارج ليدخلوا، واليهود من داخل ليبنوا به ما خرب من حصنهم، قال الزجاج: معنى تخريبها بأيدي المؤمنين أنهم عرضوها لذلك، قرأ الجمهور يخربون بالتخفيف، وقرىء بالتشديد، قال أبو عمرو: وإنما اخترت القراءة بالتشديد لأن الإخراب ترك الشيء خراباً، وإنما خربوها بالهدم، وليس ما قاله بمسلم، فإن التخريب والإخراب عند أهل اللغة بمعنى واحد، قال سيبويه: إن معنى فعلت وأفعلت يتعاقبان نحو أخربته وخربته، وأفرحته وفرحته، واختار الأولى أبو عبيد وأبو حاتم.

قال الزهري وابن زيد وعروة بن الزبير: لما صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن لهم ما أقلت الإبل، كانوا يستحسنون الخشبة أو العمود، فيهدمون بيوتهم ويحملون ذلك على إبلهم، ويخرب المؤمنون بالمقاتلة، وقال أبو عمرو: بأيديهم في تركهم لها وبأيدي المؤمنين في إجلائهم عنها، والجملة مستأنفة لبيان ما فعلوه، أو في محل نصب على الحال.

(فاعتبروا يا أولي الأبصار) أي اتعظوا وتدبروا، وانظروا فيما نزل بهم يا أهل العقول والبصائر، قال الواحدي: ومعنى الاعتبار النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها، قال النسفي: وهو دليل على جواز القياس انتهى. والاعتبار مأخوذ من العبور، والمجاوزة من شيء إلى شيء، ولهذا سميت العبرة عبرة لأنها تنتقل من العين إلى الخد، وسمي علم التعبير لأن صاحبه ينقل من المتخيل إلى المعقول، وسميت الألفاظ عبارات لأنها تنقل المعاني من لسان القائل إلى عقل المستمع، ويقال: السعيد من اعتبر بغيره، لأنه ينقل بواسطة عقله من حال ذلك الغير إلى حال نفسه ومن لم يعتبر بغيره

<<  <  ج: ص:  >  >>