ما يجده من الغل إلى شتم أحد منهم فقد انقاد للشيطان بزمام، ووقع في غضب الله وسخطه.
وهذا الداء العضال إنما يصاب به من ابتلى بمعلم من الرافضة، أو صاحب من أعداء خير الأمة، الذين تلاعب بهم الشيطان، وزين لهم الأكاذيب المختلفة، والأقاصيص المفتراة، والخرافات الموضوعة، وصرفهم عن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المنقولة إلينا بروايات الأئمة الأكابر في كل عصر من العصور، فاشتروا الضلالة بالهدى، واستبدلوا الخسران العظيم، بالربح الوافر، وما زال الشيطان الرجيم ينقلهم من منزلة إلى منزلة، ومن رتبة إلى رتبة، حتى صاروا أعداء كتاب الله وسنة رسوله، وخير أمته وصالحي عباده، وسائر المؤمنين، وأهملوا فرائض الله، وهجروا شعائر الدين، وسعوا في كيد الإِسلام وأهله كل السعي، ورموا الدين وأهله بكل حجر ومدر، والله من ورائهم محيط.
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها في الآية: أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم، ثم قرأت هذه الآية، وقيل لسعيد بن المسيب: ما تقول في عثمان وطلحة والزبير؟ قال: أقول ما قولنيه الله، وتلا هذه الآية، وأخرج ابن مردويه:
" عن ابن عمر أنه سمع رجلاً وهو يتناول بعض المهاجرين فقرأ عليه:(للفقراء والمهاجرين)، ثم قال: هؤلاء المهاجرون أفمنهم أنت؟ قال: لا ثم قرأ عليه (والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم) الآية ثم قال: هؤلاء الأنصار أفأنت منهم؟ قال: لا. ثم قرأ عليه:(والذين جاؤوا من بعدهم) الآية، ثم قال: أفمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو، قال: ليس من هؤلاء من سبب هؤلاء.
ولما فرغ سبحانه من ذكر الطبقات الثلاث من المؤمنين ذكر ما جرى بين المنافقين واليهود من المقاولة لتعجيب المؤمنين من حالهم فقال: