سيأتي بيان ذلك، قال أبو السعود: ولو بإذن من الأزواج فإن الإذن بالخروج في حكم الإخراج، وقال الخطيب: لأن في العدة حقاً لله تعالى، فلا يسقط بتراضيهما، وقيل: المراد لا يخرجن من أنفسهن إلا إذا أذن لهن الأزواج فلا بأس، والأول أولى، وهذا كله عند عدم العذر، أما إذا كان لعذر كشراء من ليس لها على المفارق نفقة فيجوز لها الخروج نهاراً، قاله الخطيب، وإذا خرجت من غير عذر فإنها تعصي ولا تنتقض عدتها قاله القرطبي.
(إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) بفتح الياء وكسرها سبعيتان، وهذا الاستنثاء هو من الجملة الأولى، قال الواحدي: أكثر المفسرين على أن المراد بالفاحشة هنا الزنا، وبه قال ابن عباس، وذلك أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها، ثم ترد إلى منزلها، وقال الشافعي وغيره: هي البذاء في اللسان والاستطالة بها على من هو ساكن معها في ذلك البيت، وعن ابن عباس: الفاحشة المبينة أن تبذو المرأة على أهل الرجل، فإذا بذت عليهم بلسانها فقد حل لهم إخراجها لسوء خلقها، ويؤيد هذا ما قال عكرمة: إن في مصحف أبيّ إلا أن يفحشن عليكم، وقيل: الاستثناء من الجملة الثانية للمبالغة في النهي عن الخروج ببيان أن خروجها فاحشة قال الشوكاني رحمه الله: هو بعهد، قال ابن عمر: خروجها قبل انقضاء العدة من بيتها هي الفاحشة المبينة، وقيل: الفاحشة النشوز.
(وتلك) أي ما ذكر من الأحكام وما في اسم الإشارة من معنى البعد مع قرب العهد المشار إليه للإيذان بعلو درجتها وبعد منزلتها (حدود الله) يعني أن هذه الأحكام التي بينها لعباده هي حدوده التي حدها لهم لا يحل لهم أن يتجاوزها إلى غيرها، (ومن يتعد حدود الله) أي يتجاوزها إلى غيرها أو يخل بشيء منها.
(فقد ظلم نفسه) بإيرادها موارد الهلاك وأوقعها في مواقع الضرر