بعقوبة الله على مجاوزته لحدوده وتعديه لرسمه، وقال البيضاوي: أي بأن عرضها للعقاب، وقال أبو السعود: تفسير الظلم بتعريضها للعقاب يأباه قوله: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) فإنه استئناف مسوق لتعليل مضمون الشرطية، وقد قالوا: إن الأمر الذي يحدثه الله تعالى أن يقلب قلبه عما فعله بالتعدي إلى خلافه، فلا بد أن يكون الظلم عبارة عن ضرر دنيوي يلحقه بسبب تعديه، ولا يمكن تداركه، أو عن مطلق الضرر الشامل للدنيوي والأخروي، ويخص التعليل بالدنيوي لكون احتراز الناس منه أشد، واهتمامهم بدفعه أقوى والخطاب للمتعدي بطريق الالتفات لمزيد الاهتمام بالزجر عن التعدي لا للنبي عليه الصلاة والسلام كما توهم، فالمعنى ومن يتعد حدود الله فقد أضر نفسه، فإنك لا تدري أيها المتعدي عاقبة الأمر لعل الله يحدث في قلبك بعد ذلك الذي فعلت من التعدي أمراً يقتضي خلاف ما فعلته، فيبدل ببغضها محبة وبالإعراض عنها إقبالاً إليها ويتسنى تلافيه رجعة واستئناف نكاح.
قال القرطبي: قال جميع المفسرين: أراد بالأمر هنا الرغبة في الرجعة، والمعنى التحريض على طلاق الواحدة أو الاثنتين، والنهي عن الثلاث، فإنه إذا طلق ثلاثاً أضر بنفسه عند الندم على الفراق، والرغبة في الارتجاع. فلا يجد إلى المراجعة سبيلاً، وقال مقاتل: بعد ذلك أي بعد طلقة أو طلقتين أمراً بالمراجعة، قال الواحدي: الأمر الذي يحدث أن يوقع في قلب الرجل المحبة لرجعتها بعد الطلقة والطلقتين. قال الزجاج: إذا طلقها ثلاثاً في وقت واحد فلا معنى لقوله: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) قالت فاطمة بنت قيس في الآية هي الرجعة.
" عن محارب بن دثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أحل الله شيئاًً أبغض إليه من الطلاق " أخرجه أبو داود مرسلاً.