وقد اختلف أهل العلم إذا كان في الطريق من الظلمة من يأخذ بعض الأموال على وجه لا يجحف بزاد الحاج فقال الشافعي لا يعطي حبة ويسقط عنه فرض الحج، ووافقه جماعة، وخالفه آخرون، والظاهر أن من تمكن من الزاد والراحلة وكانت الطريق آمنة بحيث يتمكن من مرورها ولو بمصانعة بعض الظلمة بدفع شيء من المال يتمكن منه الحاج ولا ينقص من زاده ولا يجحف به فالحج غير ساقط عنه بل واجب عليه، لأنه قد استطاع السبيل بدفع شيء من المال.
ولكنه يكون هذا المال المدفوع في الطريق من جملة ما يتوقف عليه الاستطاعة، فلو وجد الرجل زاداً وراحلة، ولم يجد ما يدفعه لمن يأخذ المكس في الطريق، لم يجب عليه الحج لأنه لم يستطع إليه سبيلاً، وهذا لا بد منه، ولا ينافي تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة فإنه قد تعذر المرور في طريق الحج لمن وجد الزاد والراحلة إلا بذلك القدر الذي يأخذه المكاسون.
ولعل وجه قول الشافعي أنه يسقط الحج أن أخذ هذا المكس منكر فلا يجب على الحاج أن يدخل في منكر، وأنه بذلك غير مستطيع.
ومن جملة ما يدخل في الاستطاعة أن يكون الحاج صحيح البدن على وجه يمكنه الركوب، فلو كان زمناً بحيث لا يقدر على المشي ولا على الركوب فهذا وإن وجد الزاد والراحلة فهو لم يستطع السبيل.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير الاستطاعة أنها الزاد والراحلة بطرق كثيرة عن جماعة من الصحابة عند أهل السنن وغيرهم.
وأقل أحوال هذا الحديث أن يكون حسناً لغيره فلا يضره ما وقع الكلام على بعض طرقه كما هو معروف.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم النهي للمرأة أن تسافر بغير ذي