أمته، وليس في قوله:(فاقرأوا ما تيسر منه) ما يدل على بقاء شيء من الوجوب، لأنه إن كان المراد به القراءة من القرآن فقد وجدت في المغرب والعشاء وما يتبعهما من النوافل المؤكدة، وإن كان المراد به الصلاة من الليل فقد وجدت صلاة الليل بصلاة المغرب والعشاء وما يتبعهما من التطوع.
وأيضاًً الأحاديث الصحيحة المصرحة بقول السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل على غيرها يعني الصلوات الخمس، فقال " لا إلا أن تطوع " تدل على عدم وجوب غيرها فارتفع بهذا وجوب قيام الليل وصلاته على الأمة كما ارتفع وجوب ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
(ومن الليل فتهجد به نافلة لك) قال الواحدي قال المفسرون في قوله: (فاقرأوا ما تيسر منه) كان هذا في صدر الإسلام ثم نسخ بالصلوات الخمس عن المؤمنين وثبت على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك قوله (وأقيموا الصلاة).
قلت فيه نظر لأن وجوب الصلوات الخمس لا ينافي وجوب قيام الليل، وشرط الناسخ أن يكون حكمه منافياً ومعارضاً لحكم المنسوخ كوجوب العدة بحول مع وجوبها بأربعة أشهر فليتأمل، فالصواب أن يكون النسخ بغير ذلك كالحديث الذي قدمنا.
ثم ذكر سبحانه عذرهم فقال:(علم أن سيكون منكم مرضى) فلا يطيقون قيام الليل ويشق عليهم ذلك، وقال الحفناوي هذا استئناف مبين لحكمة أخرى، فالحكمة الأولى هي قوله:(علم أن لن تحصوه) والثانية هي قوله (علم أن سيكون) الخ.
(وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) أي يسافرون فيها للتجارة والأرباح يطلبون من رزق الله ما يحتاجونه إليه في معاشهم فلا يطيقون قيام الليل (وآخرون يقاتلون في سبيل الله) يعني الغزاة والمجاهدين فلا يطيقون قيام الليل، قال النسفي: سوى سبحانه وتعالى في هذه الآية بين