للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

درجة المجاهد والمكتسب، لأن كسب الحلال جهاد.

قال ابن مسعود أيما رجل جلب شيئاًً إلى مدينة من مدائن المسلمين صابراً محتسباً فباعه بسعر يومه كان عند الله من الشهداء ثم قرأ هذه الآية، وقال ابن عمر ما خلق الله موتة أموتها بعد القتل في سبيل الله أحب إليَّ من أن أموت بين شعبتي رحل أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله، وقال طاوس الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.

ثم لما ذكر سبحانه ههنا ثلاثة أسباب مقتضية للترخيص ورفع وجوب القيام فرفعه عن جميع الأمة لأجل هذه الأعذار التي تنوب بعضهم، ذكر ما يفعلونه بعد هذا الترخيص فقال (فاقرأوا ما تيسر منه) وقد تقدم تفسيره قريباً والتكرير للتأكيد (وأقيموا الصلاة) يعني المفروضة وهي الخمس لوقتها (وآتوا الزكاة) يعني الواجبة في الأموال (١)، وقال الحرث العكلي صدقة الفطر لأن زكاة الأموال وجبت بعد ذلك، وقيل صدقة التطوع، وقيل كل أفعال الخير.

(وأقرضوا الله قرضاً حسناً) أي أنفقوا ما سوى المفروض في سبل الخير من أموالكم إنفاقاً حسناً عن طيب قلب، وإنما أضافه إلى نفسه لئلا يمن على الفقير فيما يتصدق به عليه، وهذا لأن الفقير معاون له في تلك القربة فلا تكون له عليه منة، بل المنة للفقير عليه، وقد مضى تفسيره في سورة الحديد.


(١) قال ابن كثير: وقوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) أي: أقيموا صلاتكم الواجبة عليكم، وآتوا الزكاة المفروضة، قال: وهذا يدل لمن قال: إن فرض الزكاة نزل بمكة، لكن مقادير النُّصُب والمخرَج لم تُبين إلا بالمدينة، والله أعلم. قال: وقد قال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وغير واحد من السلف: إن هذه الآية نسخت الذي كان الله قد أوجبه على المسلْمين أولاً من قيام الليل، واختلفوا في المدة التي بينهما على أقوال، وقد ثبت في " الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل الذي سأل: ماذا فرض الله عليه من الصلوات؟: " خمس صلوات في اليوم والليلة " قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: " لا إلا أن تطوع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>