للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعليق هام للناشر:

إبراز حقيقة قرآنية

هذه سورة " المدثر " وهي مكية من أوائل ما نزل من القرآن، وقد ختمها بقوله:

١ - (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) .. الخ كما ختم سورة (اقرأ) وهي أول سورة نزلت بقوله:

٢ - (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا (١) بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ).

كما نزلت سورة بأسرها تقول:

٣ - (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ).

كذلك جاء في سورة المزمل وهي كذلك من أوائل ما نزل:

٤ - وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (١١) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا) (٢).

إذا تأملت هذه الآيات وكلها سب وتسفيه وتهديد للمشركين وزعمائهم، مع ملاحظة أنها من أوائل ما نزل، برزت لك حقيقة قرآنية عجيبة، هي أن القرآن يدعو إلى مواجهة خصومه بكل شدة وعنف، فلا هوادة ولا خنوع،


(١) السفع: الجذب بقوة واللطم بشدة، والناصية شعر الجبهة.
(٢) أولي النعمة الذين يتمتعون بنعم الله وهم الأغنياء والزعماء. والأنكال: الأغلال والقيود. والكثيب تل الرمل، والمهيل الرخو المتداعي للتبعثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>