للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله عليه وسلم، وكان هناك جيش أعده النبي قبل وفاته، فرأى بعض الصحابة أن لا يمضي هذا الجيش إلى وجهته، وأن يبقى لتأديب أهل الردة، ولكن الخليفة الراشد أبى، وأصر على أن يمضي الجيش الذي أمر به النبي إلى وجهته، فكانت النتيجة أن أهل الردة اضطربوا وقالوا لولا أن الخليفة أعد لنا قوة كبرى ما سمح لهذا الجيش أن يذهب إلى غيرنا - وكان النصر حليف المؤمنين.

...

وهناك نكتة أخرى وهي أن القرآن كان حريصاً على مواجهة المشركين ومصارحتهم وإعلانهم بأوصافهم كما في الآيات السابقة ولم يسمح بأدنى تردد أو كتمان أو إخفاء مراعاة للظروف، مع أن هناك آية تقول (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) وهذه الآية نزلت في قصة زيد وزينب، وخلاصتها أن العرب كانت من عادتها التبني، وهو أن يتخذ الرجل ولداً من غيره يتبناه، فإذا كبر الولد وتزوج لا يجوز للرجل الذي تبناه أن يتزوج امرأته إذا طلقها وجاء الإسلام بإبطال هذه العادة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، قد تبنى زيداً في صغره فلما كبر تزوج زيد بزينب بنت جحش وهي من الأشراف وهو دونها في الشرف، فلم يستقم الحال بينهما فطلقها زيد، فجاء القرآن يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يتزوج بزينب ليكون هو أول من يبطل هذه العادة، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم، تردد بعض الشيء في التنفيذ لما فيه من إتاحة الفرصة للمنافقين أن يلمزوه صلى الله عليه وسلم، ويقولوا إن محمداً تزوج حليلة ولده، وما هو بولده.

فأنت ترى أنه صلى الله عليه وسلم، قد يخفي بعض الأمور الفرعية إلى حين مراعاة للظروف، أما الشرك وهدمه من جذوره، وهي وظيفة الرسل الأصلية، فكان يؤدي دوره فيه بكل صراحة ووضوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>