وازداد النبي بهذا وذاك قوة وعزماً على الاستمرار في مهمته، غير مبال بالزعيم القوي وناديه.
وقد روى الطبري أن الذي عنته الآيات هو عمرو بن هشام المخزومي الذي عرف في التاريخ الإسلامي بأبي جهل وكان من كبار الزعماء وأشد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، ورسالته والمؤلبين عليه. " وقد روي أنه لما تصدى للنبي صلى الله عليه وسلم، انتهره وأغلظ له وتوعده، وأنه قال: علام يتوعدني محمد وأنا أكثر أهل الوادي نادياً؟ وأنه قال: لئن رأيته يصلي ثانية لأطأن عنقه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، استمر على الصلاة في فناء الكعبة فرآه أبو جهل ولكنه لم يلبث أن نكص على عقبيه رافعاً يديه كأنما يقي بهما نفسه فقيل له ما لك؟ فقال إن بيني وبينه خندقاً من نار، وقد اسود ما بيني وبينه من الكتائب ".
على أن جملة (فليدع ناديه) تسوغ القول إن أبا جهل لم يكن وحيداً في موقفه من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما تدل عليه الآيات التي نزلت بعد هذه الآيات في مناسبات عديدة مبكرة.
وليس بعيداً أن يكون تعبير " ناديه " قد عنى دار الندوة التي كان يجتمع فيها أهل الحل والعقد في مكة الذين هم رؤساء الأسر القرشية البارزة، وقد كانت هذه الدار قرب الكعبة. فإذا صح هذا فإن من السائغ أن يقال إن السلطات الرسمية قد رأت في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، علناً بصلاة جديدة لا عهد للناس بها وفي دعوته الناس جهاراً إلى دين يخالف ما عليه الناس بدعة، ورأت وجوب الوقوف في وجهها، وأنها عمدت إلى أعضائها بتنفيذ ذلك، أو أن هذا العضو كان أشد حماساً ضدها من غيره فكان هو المتصدي اهـ.
ومنطق القوة هذا يذكرنا بموقف لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بدء توليه الخلافة فقد ارتد كثير من العرب بعد موت النبي صلى