وزاد الثعلبي في تفسيره فقال أن عبد الله بن قلابة في زمان معاوية دخل هذه المدينة، وهذا كذب على كذب، وافتراء على افتراء.
وقد أصيب الإسلام وأهله بداهية دهياء وفاقرة عظمى. ورزية كبرى من أمثال هؤلاء الكذابين الدجالين الذين يجترئون على الكذب تارة على بني إسرائيل وتارة على الأنبياء وتارة على الصالحين، وتارة على رب العالمين، وتضاعف هذا الشر وزاد كثرة بتصدر جماعة من الذين لا علم لهم بصحيح الرواية من ضعيفها بل موضوعها للتصنيف والتفسير للكتاب العزيز فأدخلوا هذه الخرافات المختلفة، والأقاصيص المنحولة والأساطير المفتعلة في تفسير كتاب الله سبحانه، فحرفوا وغيروا وبدلوا، ومن أراد أن يقف على بعض ما ذكرنا فلينظر في كتاب الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني.
قال الحافظ ابن كثير لا تغتر بما ذكر جماعة من المفسرين من ذكر مدينة يقال لها إرم ذات العماد فإن ذلك كله من خرافات الإسرائيليين من وضع الزنادقة منهم ليختبروا بذلك عقول الجهلة من الناس، فهذا وأمثاله مختلق لا حقيقة له.
وأما قوله تعالى فالمراد من الآية إنما هو الإخبار عن هلاك القبيلة المسماة بعاد الذين أرسل الله فيهم هوداً فكذبوه فأهلكهم الله، وإرم عطف بيان لعاد أو بدل منه للإعلام بأنهم عاد الأولى فسموا باسم جدهم إرم كما يقال لبني هاشم " هاشم " لأن عاد هو ابن عوض بن إرم سام بن نوح، وقيل إرم اسم بلدتهم وأرضهم بالتقدير بعاد أهل إرم كقوله تعالى (واسأل القرية) أي أهلها وذات العماد إن كان صفة للقبيلة فمعناها أنهم أصحاب خيام لها أعمدة يظعنون بها، أو هو كناية عن طول أجسامهم وتشبيهها بالأعمدة، وإن كان صفة للبلدة فمعناه أنها ذات عمد من الحجارة.
وتعقب هذا القول بأنه لو كان ذلك مراداً لقال التي لم يعمل مثلها في البلاد وإنما قال (لم يخلق) فالقول الأول هو الصواب انتهى، وبه قال شيخ