فلم يبق إلا حمل التحريم في الآية على تحريم عقد النكاح، فيحتاج القائل بتحريم الجمع بين الأختين في الوطء بالملك إلى دليل، ولا ينفعه أن ذلك قول الجمهور، فالحق لا يعرف بالرجال فإن جاء به خالصاً عن شوب الكدر فيها ونعمت وإلا كان الأصل الحل.
ولا يصح حمل النكاح في الآية على معنييه جميعاً أعني العقد والوطء، لأنه من باب الجمع بين الحقيقة والمجاز وهو ممنوع، أو من باب الجمع بين معنيي المشترك وفيه الخلاف المعروف في الأصول، فتدبر هذا.
وقال السيوطي: ويلحق بهما أي بالأختين بالسنّة الجمع بينها وبين عمتها أو خالتها، ويجوز نكاح كل واحدة على الإنفراد وملكهما معاً ويطأ واحدة انتهى.
قلت: قد اختلف أهل العلم إذا كان الرجل يطأ مملوكته بالملك ثم أراد أن يطأ أختها بالملك أيضاً فقال علي وابن عمر والحسن البصري، والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق: لا يجوز له وطء الثانية حتى يحرم فرج الأخرى بإخراجها من ملكه ببيع أو عتق أو بأن يزوجها.
قال ابن المنذر: وفيه قول ثان لقتادة وهو أنه ينوي تحريم الأولى على نفسه وأن لا يقربها ثم يمسك عنهما حتى تستبريء المحرمة ثم يغشى الثانية، وفيه قول ثالث وهو أنه لا يقرب واحدة منهما هكذا قاله الحكم وحماد، وروي معنى ذلك عن النخعي.
وقال مالك إذا كان عنده أختان بملك فله أن يطأ أيتهما شاء، والكف عن الأخرى موكول إلى أمانته، فإن أراد وطء الأخرى فيلزمه أن يحرم على نفسه فرج الأولى بفعل يفعله من إخراج عن الملك أو تزويج أو بيع أو عتق أو