المشروب، ومنه (سكراً ورزقاً حسناً) وقد ذهب العلماء كافة إلى أن المراد بالسكر هنا سكر الخمر إلا الضحاك فإنه قال سكر النوم، وقال ابن عباس: النعاس، وسيأتي بيان سبب نزول الآية وبه يندفع ما يخالف الصواب من هذه الأقوال.
(حتى تعلموا ما تقولون) هذا غاية النهي عن قربان الصلاة في حال السكر أي حتى يزول عنكم أثر السكر وتعلموا ما تقولونه وتصحوا وتفيقوا من السكر. فإن السكران لا يعلم ما يقوله.
وقد تمسك بهذا من قال إن طلاق السكران لا يقع، لأنه إذا لم يعلم ما يقوله انتفى القصد، وبه قال عثمان بن عفان وابن عباس وطاوس وعطاء والقاسم وربيعة وهو قول الليث بن سعد وإسحق وأبي ثور والمزني واختاره الطحاوي وقال: أجمع العلماء على أن طلاق المعتوه لا يجوز والسكران معتوه كالموسوس.
وأجازت طائفة وقوع طلاقه وهو محكي عن عمر بن الخطاب ومعاوية وجماعة من التابعين، وهو قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي. واختلف قول الشافعي في ذلك. وقال مالك: يلزمه الطلاق والقود في الجراح والقتل ولا يلزمه النكاح والبيع.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسّنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والضياء في المختارة عن علي بن أبي طالب قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا وحضرت الصالاة فقدموني فقرأت قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون، فأنزل الله هذه الآية، وأخرج ابن جرير وابن المنذر أن الذي صلّى بهم عبد الرحمن. وروى بألفاظ من طرق (١).
(١) أخرجه أبو داود ٣/ ٤٤٥ والترمذي ٢/ ١٢٨ وابن جرير ٨/ ٣٧٦ والإمام أحمد ١/ ٣٧٩.