(ولا جنباً إلا عابري سبيل) الجنب لا يؤنّث ولا يثنّى ولا يجمع لأنه ملحق بالمصدر كالبعد والقرب، قال الفراء: جنب الرجل وأجنب من الجنابة وهو المشهور في اللغة والفصيح وبه جاء القرآن، وقيل يجمع الجنب في لغة على أجناب مثل عنق وأعناق وطنب وأطناب.
والمعنى جنباً بإيلاج وإنزال ونصبه على الحال، والاستثناء مفرغ أي لا تقربوها في حال من الأحوال إلا في حال عبور السبيل، والمراد به هنا السفر، فإنه يجوز لكم أن تصلوا بالتيمم. وهذا قول علي وابن عباس وابن جبير ومجاهد والحكم وغيرهم قالوا: لا يصح لأحد أن يقرب الصلاة وهو جنب إلا بعد الاغتسال إلا المسافر فإنه يتيمّم، لأن الماء قد يعدم في السفر لا في الحضر، فإن الغالب أنه لا يعدم.
وقال ابن مسعود وعكرمة، والنخعي وعمرو بن دينار ومالك والشافعي:" عابر السبيل " هو المجتاز في المسجد وهو مروي عن ابن عباس، فيكون معنى الآية على هذا لا تقربوا مواضع الصلاة وهي المساجد في حال الجنابة إلا أن تكونوا مجتازين فيها من جانب إلى جانب.
وفي القول الأول قوة من جهة كون الصلاة فيه باقية على معناها الحقيقي، وضعف من جهة ما في حمل عابر السبيل على المسافر، وأن معناه أنه يقرب الصلاة عند عدم الماء بالتيمم، فإن هذا الحكم يكون في الحاضر إذا عدم الماء كما يكون في المسافر.
وفي القول الثاني قوة من جهة عدم التكلف في معنى قوله (إلا عابري سبيل) وضعف من جهة حمل الصلاة على مواضعها.
وبالجملة فالحال الأولى أعني قوله (وأنتم سكارى) تقوي بقاء الصلاة