للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على معناها الحقيقي من دون تقدير مضاف؛ وسبب نزول الآية كما سبق يقوّي ذلك، وقوله (إلا عابري سبيل) يقوي تقدير المضاف أي لا تقربوا مواضع الصلاة.

ويمكن أن يقال إن بعض قيود النهي أعني لا تقربوا وهو قوله (وأنتم سكارى) يدل على أن المراد بالصلاة معناها الحقيقي، وبعض قيود النهي وهو قوله (إلا عابري سبيل) يدل على أن المراد مواضع الصلاة، ولا مانع من اعتبار كل واحد منهما مع قيده الدال عليه ويكون ذلك بمنزلة نهيين مقيّد كل واحد منهما بقيد وهما لا تقربوا الصلاة التي هي ذات الأذكار والأركان وأنتم سكارى ولا تقربوا مواضع الصلاة حال كونكم جنباً إلا حال عبوركم المسجد من جانب إلى جانب.

وغاية ما يقال في هذا أنه من الجمع بين الحقيقة والمجاز وهو جائز بتأويل مشهور، وقال ابن جرير بعد حكايته للقولين: والأولى قول من قال: (ولا جنباً إلا عابري سبيل) إلا مجتازي طريق فيه، وذلك أنه قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب في قوله (وإن كنتم مرضى أو على سفر) الآية فكان معلوماً بذلك أي أن قوله (ولا جنباً إلا عابري سبيل) لو كان معنيّاً به المسافر لم يكن لإعادة ذكره في قوله (وإن كنتم مرضى أو على سفر) معنى مفهوم، وقد مضى ذكر حكمه قبل ذلك.

فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا المساجد للصلاة مصلين فيها وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا تقربوها أيضاً جنباً حتى تغتسلوا إلا عابري سبيل، قال: وعابر السبيل المجتاز مرّاً وقطعاً، يقال منه عبرت هذا الطريق فأنا أعبره عبراً وعبوراً ومنه قيل عبر فلان النهر إذا قطعه وجاوزه ومنه قيل للناقة القوية هي عبر أسفار لقوتها على قطع الأسفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>