وسمعت شيخنا يقول: وقع النزاع بين الفضلاء فأجاز هذا المذهب ووهى غيره، فأنكر عليه فأظهر خمسة عشر نقلا به.
ومن حجة هؤلاء أن التوراة قد طبقت مشارق الأرض ومغاربها وانتشرت جنوباً وشمالاً، ولا يعلم عدد نسخها إلا الله فيمتنع التواطؤ على التبديل والتغيير في جميع تلك النسخ حتى لا تبقى في الأرض نسخة إلا مبدلة، وهذا مما يحيله العقل، قالوا: وقد قال الله لنبيه (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) قالوا: وقد اتفقوا على ترك فريضة الرجم ولم يمكنهم تغييرها من التوراة ولذا لما قرؤها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع القارىء يده على آية الرجم، فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفعها فإذا هي تلوح تحتها.
وتوسطت طائفة فقالوا: قد زيد فيها وغير أشياء يسيرة جداً، واختاره شيخنا في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، قال وهذا كما في التوراة عقدهم أن الله سبحانه قال لإبراهيم: اذبح ابنك بكرك أو وحيدك إسحق.
قلت والزيادة باطلة من وجوه عشرة الأول: أن بكره ووحيده اسمعيل باتفاق الملل الثلاث.
الثاني: أنه سبحانه أمر إبراهيم أن ينقل هاجر وابنها اسمعيل عن سارة ويسكنها في برية مكة لئلا تغار سارة فأمره بإبعاد السرية وولدها عنها فكيف يؤمر بعد هذا بذبح ابن سارة وابقاء ابن السرية، وهذا مما لا تقتضيه الحكمة.
الثالث: أن قصة الذبح كانت بمكة قطعاً ولذا جعل الله سبحانه ذبح الهدايا والقرابين بمكة تذكيراً للأئمة بما كان من إبراهيم وولده هنالك.
الرابع: أن الله بشر سارة أم إسحق بإسحق ومن ورائه يعقوب فبشرها بهما جميعاً فكيف يأمر بعد ذلك بذبح إسحق وقد بشر أبويه بولد ولده.