الاجتهاد، ولا يلتفت عند وجود الحكم فيهما أو في أحدهما إلى غيرهما من آراء الرجال وغيرهم فإنه مشاقّة لله ولرسوله من بعد ما تبين له الهدى.
وفي قوله (إن كنتم تؤمنون) دليل على أن هذا الرد متحتم على المتنازعين وأنه شأن من يؤمن (بالله واليوم الآخر) وفي الآية دليل على أن من لا يعتقد وجوب متابعة الكتاب والسنة والحكم بالنصوص القرآنية والأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يكون مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر.
(ذلك) أي الرد المأمور به (خير وأحسن تأويلاً) أي مرجعاً وأحمد عاقبة من الأول يقال آل يؤول إلى كذا أي صار إليه، والمعنى أن ذلك الرد خير لكم في حد ذاته من غير اعتبار فضله على شيء يشاركه في أصل الخيرية من التنازع والقول بالرأي وأحسن مآلاً مرجعاً ترجعون إليه، ويجوز أن يكون المعنى أن الرد أحسن تأويلاً من تأويلكم الذي صرتم إليه عند التنازع، وقال قتادة: ذلك أحسن ثواباً وخير عاقبة، وقال مجاهد: أحسن جزاء.
واعلم أن هذه الآية الشريفة مشتملة على أكثر علم أصول الفقه لأن الفقهاء زعموا أن أصول الشريعة أربع الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وهذه الآية مشتملة على تقرير هذه الأصول الأربعة بهذا الترتيب.
أما الكتاب والسنة فقد وقعت الإشارة إليهما بقوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فدلت على وجوب متابعة الكتاب والسنة، وقوله تعالى (وأولي الأمر منكم) يدل على أن إجماع الأمة حجة لأن الله تعالى أمر بطاعتهم على سبيل الجزم، وهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والمراد بهم أهل الحل والعقد، وذلك يوجب القطع بأن إجماع الأمة حجة.