(السادس) قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) وإذا وجدنا عموم الكتاب حاصلاً في الواقعة ثم إنا لا نحكم به بل حكمنا بالقياس لزم الدخول تحت هذا العموم.
(السابع) قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) فإذا كان عموم القرآن حاضراً ثم قدمنا القياس المخصص عليه لزم التقديم بين يدي الله ورسوله.
(الثامن) قوله تعالى (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله) إلى قوله (إن تتبعون إلا الظنّ) جعل اتباع الظن من صفات الكفار، ومن الموجبات القوية في مذمتهم، فهذا يقتضي أن لا يجوز العمل بالقياس ألبتّة ترك هذا النص لما بينا أنه يدل على جواز العمل بالقياس، لكنه إنما دل على ذلك عند فقدان النصوص فوجب عند وجدانها أن يبقى على الأصل.
(التاسع) أن القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والقياس يفرق عقل الإنسان الضعيف وكل من له عقل صحيح علم أن الأول أقوى بالمتابعة وأحرى.
وأيضاً هذه الآية دالة على أن ما سوى هذه الأصول الأربعة مردود باطل وليس للمكلف أن يتمسك بشيء سوى هذه الأصول، فالقول بالاستحسان الذي يقول به أبو حنيفة، والقول بالإستصلاح الذي يقول به مالك إن كان المراد به أحد هذه الأمور الأربعة فهو تغيير عبارة ولا فائدة فيه، وإن كان مغايراً لهذه الأربعة كان القول به باطلاً قطعاً لدلالة هذه الآية على بطلانه.
والأمر في قوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) للوجوب وبه زعم كثير من الفقهاء واعترض عليه المتكلمون بما لا يغني عن جوع، وهذه الآية دالة على أن ظاهر الأمر للوجوب ولا شك أنه أصل معتبر في الشرع.