للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو السعود: في الآية الكريمة من التهديد الشديد والوعيد الأكيد وفنون الإبراق والإرعاد ما تراه، وقد تأيّدت بما روى من الأخبار الشداد، كقوله - صلى الله عليه وسلم - " والذي نفسي بيده لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل مؤمن " (١) وقوله: " لو أن رجلاً قتل بالمشرق وآخر رضي بالمغرب لأشرك في دمه " وقوله: " من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله " (٢) ونحو ذلك من القوارع.

ولا متمسك للمعتزلة فيها لأن المراد بالخلود هو المكث الطويل لا الدوام، وقد روي مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " هو جزاؤه إن جازاه ".

قال الواحدي: والأصل في ذلك أن الله عز وجل يجوز أن يخلف الوعيد، وإن امتنع أن يحلف الوعد، وبهذا وردت السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - قال " من وعده الله على عمله ثواباً فهو منجزه له، ومن أوعده على عمله عقاباً فهو بالخيار ".

والتحقيق أنه لا ضرورة إلى تفريع ما نحن فيه على الأصل المذكور، لأنه إخبار منه تعالى بأن جزاءه ذلك لا بأنه يجزيه بذلك، كيف لا وقد قال الله تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها) ولو كان هذا إخباراً بأنه تعالى يجزي كل سيئة بمثلها لعارضة قوله تعالى (ويعفو عن كثير) انتهى كلام أبي السعود ملخصاً.


(١) صحيح الجامع الصغير ٤٩٥٤.
(٢) ضعيف الجامع الصغير ٥٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>